الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينكر على النساء عند سؤالهن عما سيحصل لهن في الجنة من أنواع النعيم، لأن النفس البشرية مولعة بالتفكير في مصيرها ومستقبلها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر مثل هذه الأسئلة من صحابته عن الجنة وما فيها، ومن ذلك أنهم سألوه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا ؟ قَالَ:" لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ .. مَنْ يَدْخُلُهَا يَخْلُدُ لَا يَمُوتُ وَيَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ لَا يَبْلَى شَبَابُهُمْ وَلَا تُخَرَّقُ ثِيَابُهُمْ. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني .
وهذا حسن بشرط أن لا يصبح مجرد أماني دون أن نتبع ذلك بالعمل الصالح فإن الله يقول للمؤمنين: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {الزخرف:72} . فتشوّق المؤمنة نفسها بأخبار الجنة ونعيمها وتصدّق ذلك بالعمل.
ويكفي أن تعلمي أنه بمجرد دخولك الجنة تختفي كل تعاسة أو شقاء مر بك .. ويتحول ذلك إلى سعادة دائمة وخلود أبدي ويكفيك قوله تعالى عن الجنة: لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ {الحجر:48}.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. رواه مسلم.
وعفة نفسك وصون عرضك من علامات الخير بك، وحري بك أن تستمري على ذلك، وقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ. متفق عليه .
ثم إن المرأة التي لم تتزوج في الدنيا أو كان زوجها من أهل النار، تتزوج في الجنة، إن اشتهته فأهل الجنة لا يشتهون شيئا إلا تحقق لهم.
ولكن أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا، فقد تشتهي المرأة في الدنيا شيئا محرما، كشهوة محرمة، كأن يكون بها ميل لبنات جنسها ويسول لها الشيطان ذلك ويزينه؛ لضعف نفسها، أو قلة التقوى، أو انحراف صديقاتها، غير أن هذه الشهوة المحرمة لا مكان لها في الجنة، ولا يقال: إن الشهوات المحرمة في الدنيا ستكون حلالا في الآخرة إذا امتنع الإنسان عنها مثل الخمر؛ فخمر الجنة ليست كخمر الدنيا ولا مشتملة على ما فيها من المفاسد. وقد قال تعالى: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ {الواقعة:19}.
كما أن الشذوذ أو السحاق- وهو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل- وغيرها من الشهوات المحرمة لا تشتهيها إلا الفطر المنحرفة، التي تحتاج إلى علاج ومجاهدة لترد إلى فطرتها السليمة التي عليها أغلب الخلق، لأن الله فطرهم على الفطرة السليمة ولكن الشياطين جاءتهم فحرفت فطرهم وحرفتهم عن الصراط المستقيم؛ ولذا فلن يكون هناك اشتهاء لمثل هذا في الجنة بل أهل الجنة يكملون في صفاتهم وخَلْقهم وخُلُقهم فلا يشتهون إلا الطيب.
فاحرصي أيتها الأخت على مجاهدة نفسك والثبات على العفة وتخيري صديقات صالحات يعنك على ذلك، واحرصي على مطالعة الكتب النافعة والاستماع لدروس العلم، وتسلية النفس بالمباحات الطيبة، وقد تكلمنا على العشق بين النساء وحكمه ووسائل الاستعفاف عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 8424 ، 8547 ، 9006 فراجعيها، ونسأل الله لنا ولك الثبات، ونعيم الجنة.
والله أعلم.