الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر أهل السير والتفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة أخذ مفتاح الكعبة المشرفة من عثمان بن طلحة، فدخل الكعبة وصلى فيها ركعتين ثم خرج منها وهو يتلو قول الله تبارك وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فدعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح، وقيل دفعه لشيبة بن عثمان بن أبي طلحة أو إليهما معا، ثم إن عثمان كان قد هاجر في هدنة الحديبية فذهب الى المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأقام شيبة بمكة وبقي عنده المفتاح، وذكر ابن عاشور في التفسير أنه تنازل عثمان بن طلحة عنها لابن عمه شيبة بن عثمان، وذكر بعض أهل السير أن عثمان رجع لمكة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا أنه نازع شيبة في شأن المفتاح، وإنما ذكر بعض المؤرخين أن بني عثمان نازعوا بني شيبة في شأن المفتاح أيام العباسيين وأن المنصور استفتى في ذلك ابن جريج فأشركهم فيها جميعا .
فقد روى ابن سعد في الطبقات: أنه صلى الله عليه وسلم دعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم.
وذكر ابن حجر في التهذيب: أنه دفع النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة فقال خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم إلا ظالم، وقال ابن سعد عن هوذة بن خليفة عن عوف عن رجل من أهل المدينة دعا النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح شيبة بن عثمان فأعطاه المفتاح وقال دونك هذا فأنت أمين الله على بيته، وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير كان العباس وشيبة بن عثمان آمنا ولم يهاجرا فأقام عباس على سقايته وشيبة على حجابته. انتهى.
ونقل الحطاب المالكي في شرح مختصر خليل عن الأزرقي في موضع من كتابه: فخرج عثمان بن طلحة إلى هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم وأقام ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة فلم يزل يحجب هو وولده وولد أخيه وهب بن عثمان حتى قدم ولد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة وولده مسافع بن طلحة بن أبي طلحة من المدينة وكانوا بها دهرا طويلا فلما قدموا حجبوا مع بني عمهم فولد أبي طلحة جميعا يحجبون. انتهى.
ثم قال الحطاب: فهذا الكلام يقتضي أنهم يحجبون جميعا وكأنه والله أعلم يشير به إلى ما جرت به عادتهم قديما وحديثا أنهم إذا فتحوا البيت جلسوا فيه وإن كان المتولي للفتح منهم هو الأكبر وإلى أنهم من أهل الحجابة فإن بني شيبة بن عثمان بن أبي طلحة منعوا أولاد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة من الحجابة كما نقل ذلك الفاكهي في تاريخ مكة ونصه قال حدثني عبد الله بن أحمد قال سمعت بعض المكيين يقول إن عثمان بن طلحة خرج إلى المدينة مهاجرا ودفع المفتاح إلى ابن عمه شيبة بن عثمان فلم يزل ولد شيبة يحجبون وولد عثمان بالمدينة فلما كان في خلافة أبي جعفر انتقل ولد عثمان إلى مكة فدفعهم ولد شيبة عن الحجابة فركبوا إلى أبي جعفر فأعلموه فكتب إلى ابن جريج يسأله فكتب إليه ابن جريج يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع المفتاح إلى عثمان فادفعه إلى ولده فدفعه إلى ولد عثمان فدفعوا ولد شيبة عن الحجابة فركبوا إلى أبي جعفر فأعلموه أن ابن جريج يشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يظلمكم عليها إلا ظالم وأن الحجابة إلى ولد أبي طلحة فكتب إلى عامله إن شهد ابن جريج بذلك فأدخل بني شيبة وولد أبي طلحة في الحجابة فشهد ابن جريج عند العامل على ذلك فجعل الحجابة لهم كلهم جميعا. انتهى.
وقال أبو عمربن عبد البر في الاستيعاب: شيبة هذا هو جد بني شيبة حجبة الكعبة إلى اليوم دون سائر الناس أجمعين. اهـ
هذا ويشهد لما ذكر ابن عبد البر أنه ذكرت وسائل الاعلام ان المفتاح الآن بيد بني شيبة ويمكنك مراجعة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين للاستفسار والاطلاع على المزيد في الموضوع ومعرفة حال بني عثمان هل لا يزالون يشاركون في السدانة أم لا.
والله أعلم.