الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان سفرك إلى إسبانيا سفرا مباحا كدراسة أو ممارسة عمل مباح ونحو ذلك فلك الفطر في رمضان وقصر الصلاة الرباعية أثناء السفر، وفطرك في بيتك قبل مجاوزة بيوت القرية التي تسكنها قال به بعض أهل العلم، وقال كثير منهم: لا يشرع الفطر إلا بعد الشروع في السفر بمجاوزة بيوت قريتك.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته, ويجعلها وراء ظهره. وبهذا قال مالك, والشافعي, والأوزاعي, وإسحاق, وأبو ثور, وحكي ذلك عن جماعة من التابعين. وحكي عن عطاء, وسليمان بن موسى, أنهما أباحا القصر في البلد لمن نوى السفر. وعن الحارث بن أبي ربيعة, أنه أراد سفرا, فصلى بهم في منزله ركعتين, وفيهم الأسود بن يزيد, وغير واحد من أصحاب عبد الله. وروى عبيد بن جبر, قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط, في شهر رمضان, فدفع, ثم قرب غذاؤه, فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة, ثم قال: اقترب. فقلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأكل. رواه أبو داود. ولنا, قول الله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة.. ولا يكون ضاربا في الأرض حتى يخرج, وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبتدئ القصر إذا خرج من المدينة. قال أنس: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعا , وبذي الحليفة ركعتين. متفق عليه، فأما أبو بصرة فإنه لم يأكل حتى دفع, وقوله: لم يجاوز البيوت: معناه - والله أعلم - لم يبعد منها ; بدليل قول عبيد له: ألست ترى البيوت؟ إذا ثبت هذا; فإنه يجوز له القصر وإن كان قريبا من البيوت. انتهى.
وعليه؛ فإذا كنت أفطرت في بيتك بعد عزمك على السفر تقليدا لمن يقول بجواز ذلك من أهل العلم فلا حرج عليك إن شاء، وإن كان الأولى العمل بمذهب الجمهور لما فيه من الاحتياط، وعلى كل حال فالواجب قضاء يوم بدل اليوم الذى أفطرته في سفرك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.