الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وجوب بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما .. مما علم من الدين بالضرورة عند كل مسلم - ولله الحمد- كما أشار السائل الكريم.
وانطلاقا من ذلك؛ فلا بد من الرفق بهذا الوالد والإحسان إليه.. مهما كان طبعه ومعاملته لكم، وعليكم أن تعذروه وتسامحوه في ما صدر منه وما يصدر وخاصة في هذه المرحلة التي تقدمت به السن فبذلك تنالون الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، ومما يعينكم على ذلك أن تعلموا أنه ما قسى عليكم لكرهكم وإنما لمحبتكم حتى تتربوا التربية الصحيحة التي فقدها كثير من أبناء المسلمين في هذا الزمان
صحيح أنه أخطأ في هذه القسوة الزائدة فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم الآباء في عون أبنائهم على برهم فقال: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة وسنده ضعيف. ولكن مقاصد الشريعة تفيد صحة معناه.
لكن هذا الخطأ لا يبرر جفاءه وكرهه إلى درجة تمني الموت له فهو خطأ مغمور في بحر إحسانه إليكم وتربيته لكم وحبه إياكم.
ومما يعينكم على حب هذا الوالد أن تتذكروا أن الله تعالى جعله السبب في وجودكم في هذه الحياة، وأنه سهر الليالي الطوال وتعب الأيام الصعبة في تربيتكم حتى وصلتم إلى هذه المرحلة.
وأما كلامكم عليه فإنه منكر عظيم وإثم كبير لما فيه من الغيبة التي حرمها الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق. رواه المنذري وغيره، وقال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. رواه البخاري، والأحاديث في هذا كثيرة جداً.
وإذا كان هذا في عموم المسلمين؛ فلا شك أنه في حق الوالد أعظم.
نسأل الله تعالى أن يحفظكم ويعينكم على بر والدكم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى:102322 ، 44366 ، 20332.
والله أعلم.