الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالرمل بين العَلَمينِ الأخضرينِ أثناء السعي بين الصفا والمروة سنة في حق الرجال وليس بواجب. أما النساء فلا يسن لهن الرمل أثناء السعي وإن كان هذا الرمل قد حصل من هاجر رضي الله عنها أثناء سعيها بين الصفا والمروة ، والذي هو أصل مشروعية السعي عموما، ففي صحيح البخاري -أثناء الحديث عن سعي هاجر بين الصفا والمروة-: حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس: قال النبي صلى الله وسلم : فلذلك سعي الناس بينهما.
ولعل الحكمة من عدم مشروعية الرمل في حق المرأة الحرص على تسترها وعدم تكشفها، فالرمل قد يترتب عليه انكشاف بعض جسمها. قال ابن قدامة في المغني مبينا حكم الرمل في السعي:
وجملة ذلك أن الرمل في بطن الوادي سنة مستحبة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى، وسعى أصحابه، فروت صفية بنت شيبة، عن أم ولد شيبة، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة، وهو يقول: لا يقطع الأبطح إلا شدا. وليس ذلك بواجب، ولا شيء على تاركه ; فإن ابن عمر، قال: إن أسعى بين الصفا والمروة، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وإن أمشي، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأنا شيخ كبير. رواهما ابن ماجه، وروى هذا أبو داود. ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه، فبين الصفا والمروة أولى. انتهى.
وقال رحمه الله في بيان الحكمة من مشروعيته في حق الرجال دون النساء:
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم، على أنه لا رمل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع. وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد، ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للتكشف. انتهى
والله أعلم.