الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأسئلة التي أشرت إليها جاءت بأسلوب الاستفهام الإنكاري للتقريع والتوبيخ للمخاطبين، وهو أسلوب معروف في اللغة العربية، وتوبيخه سبحانه لهم دليل على عدم رضاه لما استنكره ووبخهم لأجله، فمثلاً يقول تعالى: قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {يونس:35}، قال أهل التفسير: "فما لكم" أي فأي شيء لكم في عبادة الأوثان "كيف تحكمون" أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل الصراح، تعبدون آلهة لا تغني عن أنفسها شيئاً إلا أن يفعل بها، والله يفعل ما يشاء فتتركون عبادته، ألا تعلمون أن من يهدي إلى الحق أحق أن يتبع من الذي لا يهتدي إلى شيء، إلا أن يهديه إليه هاد غيره، فتتركوا اتباع من لا يهتدي إلى شيء وعبادته، وتتبعوا من يهديكم في ظلمات البر والبحر، وتخلصوا له العبادة فتفردوه بها وحده، دون ما تشركونه فيها من آلهتكم وأوثانكم؟ وهكذا بقية الآيات فإذا تتبعتها في أماكنها المختلفة وأخذت بداية سياقها وجدت الاستفهام فيها للإنكار وتوبيخ الكفار وتقريعهم وإقامة الحجة عليهم، اقرأ مثلاً قول الله تعالى: أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ* مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ. وقوله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ.
والله أعلم.