الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد كان حسنا منك أن صبرت مع زوجك رغم عدم إنجابه، لكنك لم تحسني حين واجهت مشكلات أهله بترك البيت وطلب الطلاق، فقد كان من الممكن احتواء هذه المشكلات بشيء من الحكمة والصبر والاستعانة بالله، دون أن يصل الأمر إلى الطلاق.
ثم وقعت في خطأ كبير وإثم عظيم بارتكابك الفاحشة، وذلك لعدم التزامك حدود الله في التعامل مع الخاطب، فإن حكم المخطوبة بالنسبة للخاطب (ما دام لم يعقد عليها) لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها ولا لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي وإنما ينبغي أن يكون للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة.
ثم أتبعت ذلك بذنب آخر وهو الإجهاض، فهو جريمة أخرى، إذا كان الحمل قد تعدى أربعين يوماً.
ويجب عليك أن تتوبي إلى الله توبة صادقة بأن تقطعي كل صلة لك بهذا الخاطب الذي أخطأت معه، وتزيلي من قلبك كل تعلق به، فإن وجود علاقة بين المرأة وغير زوجها من الخيانة للزوج، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال 27}.
ومن شروط التوبة، الندم على الوقوع فيما حرم الله، والعزم الصادق على عدم العود، ثم عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، من طاعة الزوج و بر الوالدين وصلة الرحم والصلاة بالليل والصدقة والصيام وكثرة الذكر والدعاء.
أما رغبة زوجك في الزواج بثانية فهو في الأصل أمر مباح، لا يحق لأحد الاعتراض عليه، بشرط أن يكون قادراً عليه، وأن يعدل بينكما فيما أمره الله بالعدل فيه، أما إذا كان لا يقدر على مؤونة هذا الزواج سواء من جهة النفقة أو من جهة القدرة على المعاشرة، فلا يجوز له حينئذ أن يتزوج الثانية، وعليك أن تحذريه من ذلك وليس موافقتك على زواج زوجك من أخرى كفارة لما وقع منك من الخطأ، وإنما كفارة ما وقعت فيه تكون بالتوبة الصادقة بشروطها التي سبق ذكرها، وليس من شرط التوبة أن تعاقبي نفسك بزواجه من الثانية، وإنما من توبتك أن تحسني عشرته وتصوني عرضه وتتعاونا على طاعة الله تعالى.
وننبه السائلة إلى أن أهلها، وإن كانوا أساؤوا إليها، فإنه لا يجوز لها مقاطعتهم، فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يسيء ويقطع، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
والله أعلم.