الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال غير واضح ولكن إن كان المقصود أن الزواج قد تم بشهادة شاهدين عدلين، فإن كان قد تم مع ذلك حصول الإيجاب والقبول بينك وبين ولي المرأة فقد تم عقد النكاح ووقع صحيحا مستوفيا لشروطه وأركانه.
أما بخصوص طلاق هذه المرأة فلا ننصحك به وإنما ننصحك بإمساكها ومحاولة استصلاحها وردها عما تفعله من معاص مثل التي ذكرت من تسليمها على بعض الأجانب ومصافحتهم وتقبيلهم، فإن هي استجابت فأمسك عصمتها ولا تطلقها، فالشرع قد ندب إلى إمساك المرأة حتى مع كراهتها، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيرا له. انتهى.
وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا ومحمود عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.
وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه، وسلم قال: لا يَفْرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.
وما تجده تجاهها من ضيق ونفور فهذا يمكن التغاضي عنه في مقابل المصالح المترتبة على إمساكها وأهمها مصلحة هذا الجنين الذي في أحشائها فإن من حقه أن ينشأ بين أبويه في ظل أسرة مستقرة، ومما يذكر هنا أن رجلاً جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تُبْنَ البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟، والتذمم هو الإحسان إلى من يذم بترك الإحسان إليه. وقال عمر أيضا لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
وما ذكرناه هو الأولى والأفضل ولكن إذا ضاقت نفسك بها ولم تطق عيشا معها فيمكنك حينئذ طلاقها، ولا يعد هذا من باب الظلم إن شاء الله.
أما إذا لم تستجب لك في ترك هذه المعاصي التي ذكرتها فعليك حينئذ طلاقها فلا يستحب إمساك مثل هذه المرأة.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17383، 22363، 108701، 1766.
والله أعلم.