الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
إذا كانت أمك بهذه الصفات التي ذكرت، فهي غير سوّية، كما أن دعاءها على أولادها غير جائز، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم.
لكن ذلك لا يبرر الإساءة إليها أو التقصير في برها والإحسان إليها، فإن حق الأم عظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. رواه البخاري ومسلم.
فعليك بالاستعانة بالله والاجتهاد في برها والإحسان إليها، والدعاء لها، وعدم الاستسلام لمشاعر الكراهية نحوها، والنظر إلى الجوانب الطيبة في سلوكها، وما جعل الله لها من الحق لما لاقته في الحمل والوضع والتربية في الصغر، والحذر من الإساءة إليها ولو بالتأفف أو النظرة الحادة.
ثم اعلمي أنك إن التزمت حدود الله في معاملتها ، فإنه لا يضرك دعاءها عليك أو عدم رضاها عنك ، واعلمي أن برّك بها مقدور لك، وليس كما تتوهمين أنه ليس في حدود طاقتك ، فإن كل ما أمرنا الله به في حدود طاقتنا ، وبر الأم من أعظم الأوامر.
أما قولك أنك هممت أن تتركي الصلاة لخوفك من عدم قبولها، والدعاء لخوفك من عدم الإجابة ، فهذا من تلبيس الشيطان، فالصلاة من أعظم أمور الدين، بل عدّ بعض العلماء تركها كفراً أكبر مخرجاً من الملة، فالإقدام على تركها للخوف من عدم القبول، مخالف للعقل ومضيع للدين.
والصلاة متى أداها المسلم بشروطها وأركانها فهي صحيحة مجزئة، وقد سقطت عنه المطالبة بها حتى ولو كان عاقا أو عاصيا، وإنما تنازع العلماء في القبول بمعنى الإثابة عليها، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 65327.
ومثل ذلك يقال في الدعاء فهو من أعظم أنواع العبادة فتركه لتوقع عدم الإجابة خسران مبين ، وسوء ظن بالله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي. متفق عليه.
وقد قال تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {الحجر:37، 36}
وراجعي للمزيد حول الفتوى رقم: 9554.
وأما عن قولك: أشعر أني أريد الانتحار، فننبهك إلى أن الانتحار من أكبر الكبائر ، ومما لا يقدم عليه مؤمن ، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبداً.
نسأل الله أن يهدينا وإياكم، وأن يرزقك بزوج صالح يعينك على طاعة الله.
والله أعلم.