الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اقتضت حكمة اللطيف الخبير جل في علاه أن خلقت المرأة ناقصة عقل ودين, وأنها خلقت وبها عوج في أصل خلقتها, وأن هذا العوج إنما يكون أظهر ما يكون في لسانها, كما قال الصادق المصدوق في الحديث المتفق عليه: اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: قوله: وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، قيل فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها ، وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها، أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله. قوله: فإن ذهبت تقيمه كسرته قيل هو ضرب مثل للطلاق أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها ، ويؤيده قوله في رواية الأعرج عن أبي هريرة عند مسلم: وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها . انتهى بتصرف يسير.
فينبغي على الرجل الحكيم الأريب ألا يطلب من زوجته ما هو فوق طاقتها من تمام الاستقامة والحكمة, لأنه إن فعل فقد كلفها شططا, ويوشك أن تنتهي العلاقة بينهما بسبب ذلك, لكنه في ذات الوقت لا يترك لها الحبل على الغارب فيتركها تهينه دائما وتتعالى عليه أبدا, وتنطلق في تلبية شهواتها على طول الخط مستهينة به مضيعة لمصالحه وحقوقه, هذا ما لا ينبغي فإن الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته وهو مكلف من قبل علام الغيوب بإصلاح زوجته وتأديبها, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}
ولو ترك لها الأمور كما تريد فقد خالف أمر ربه وضيع أمانته.
فينبغي للرجل أن يغاير بين الأحوال والأساليب فيجعل أصل تعامله مع زوجته هو الرأفة والمودة والرحمة، ولكن إن ظهر منها تكبر أو سوء أدب فإن له أن يقسو عليها بقدر فعلها وتجاوزها.
أما ما ذكرت من أخلاق بعض النساء اللاتي ينصبّ اهتمامهن في التدين على بعض العبادات مثل الصلاة والذكر وتلاوة القرآن وهن مع ذلك يضيعن لحقوق الزوج وواجباته, فهذا أكبر دليل على الجهل والسذاجة والسطحية في فهم مقاصد هذا الدين العظيم, وأهداف هذه الشريعة الغراء السمحة, أما سمع أمثال هؤلاء قول الصادق المصدوق؟ : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، و الذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها و هي على قتب لم تمنعه. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
ألا فلتخش هذه المسكينة على عباداتها وعلى صلواتها وصيامها وقيامها من الحبوط والبطلان, فتمردها على زوجها قد يذهب بهذا كله فتقدم على ربها قدوم المغرور المحروم بعد أن صارت أعمالها كلها هباء منثورا, قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}
جاء في تفسير القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم. أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن.
أما ما ذكرت من إرادة بعض النساء أن ينافسن الرجال مهما كان النتيجة بغية أن تأخذ مكان الرجل ومنزلته , فهذا لن يكون لأن الله سبحانه وهو الخالق الحكيم قد خلق للمرأة طبيعة خاصة وأقدرها على أمور لا يستطيعها الرجال, وخلق الرجال وخلق لهم طبيعة خاصة وأقدرهم على ما لا يقدر عليه النساء، ولكل دوره في هذه الحياة الدنيا, ولكنه سبحانه فضل الرجال في الجملة على النساء فقال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34}
ثم نهى سبحانه أن يتمنى أحد الفريقين منزلة الآخر فقال سبحانه: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا. {النساء: 32}
قال ابن كثير: نزلت هذه الآية في قول النساء: ليتنا الرجال فنجاهد كما يجاهدون ونغزو في سبيل الله عز وجل.
فإن أرادت المرأة مقاما كريما للمنافسة فلتنافس الرجل في طاعة الله وسرعة الاستجابة لأوامره سبحانه ففي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.
والله أعلم.