الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حذرنا مراراً من الفتيا بغير علم والقول على الله بما لم يقل به, وقد بين الله تعالى خطورة ذلك فقال: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف 33}. والواجب على كل مسلم أن يستفتي أهل العلم المعروفين بالتضلع من أحكام الشرع فقد قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل 43}. وما أفتت به هذه المعلمة غلط بلا شك, فنحن لا نعلم أحداً من الفقهاء قال بمضاعفة أيام الصوم عوضاً عن إطعام مسكين الذي هو فدية تأخير القضاء عند الجمهور, فضلاً عن أن يقال بالتخيير بين الفدية والصيام, وعليه ففدية التأخير لا زالت في ذمتك ويجب عليك أن تخرجيها وقدرها إطعام مسكين، وقدر الإطعام مد من طعام (750 جراما تقريبا). وإذا كنت جاهلة بحرمة تأخير القضاء فلا كفارة عليك.
والأحوط أن تكون الفدية نصف صاع (كيلو ونصف تقريبا) عن كل يومٍ أخّرت قضاءه من غير عذر, والقول بلزوم الفدية هو قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد ومستندهم في ذلك فتوى أبي هريرة وابن عباس به, ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة, ويرى أبو حنيفة والبخاري وجماعة من العلماء عدم لزوم الفدية لأن الله إنما أمر بالقضاء في قوله: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة 184} ولم يذكر طعاما, والأول هو الراجح لما ذكرناه من فتوى الصحابة به, والفدية لا تسقط ولا تتضاعف وإن تعددت سنوات التأخير، فالواجب ما ذكرناه من إطعام مسكينٍ عن كل يوم, وأما هذه الأيام الزائدة التي صمتها فتكون في حقك نفلا، ولن يضيع عليك ثوابها لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 20087، 28072.
والله أعلم.