الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل أن يبادر أولياء المرأة بتزويجها إذا تقدم لها صاحب الخلق والدين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن. فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على تأكيد الاستجابة لخاطب جاء وهو بهذه الصفة، وأن رده يؤدي إلى الفتنة في الأرض والفساد الكبير، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأينا من الفتن المنتشرة والفساد المستشري ما كان سببه المباشر هو عضل النساء عن أكفائهن من الرجال، أو وضع عراقيل أمام الارتباط الشرعي.. ومع ذلك فلا مانع من مراعاة أمور أخرى كالمال والجمال مثلاً كما دلت على ذلك نصوص أخرى.
وبناء على ذلك فإن كنت تشعرين أن ضيق السكن وكونه في بيت العائلة سيسبب لك أذى وتعباً، فلك الحق أن تشترطي عليه أن يسكنك في مسكن غيره تستريحين فيه، فإن استجاب لك فبها ونعمت، ويلزمه الوفاء بهذا الشرط لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.. أما إذا لم يستجب فلك أن ترفضي أمر هذا الزواج، وإن كنت تشعرين بالتردد وعدم القدرة على حسم القرار فإنا ننصحك أن تستخيري الله سبحانه في أمر هذا الزواج وأن تنظري فإن وجدت انشراحاً في صدرك وطمأنينة في قلبك فامضي فيه على بركة الله، وإن وجدت انقباضاً في صدرك وتعسيراً في الأمور فانصرفي عنه.
أما سؤالك عن المهر المذكور، وهل هذا القدر يعتبر من المغالاة في المهر فنقول: أمر المغالاة في المهور وعدمها أمر نسبي يخضع للبلد وعاداته، ولحال الزوجين وإمكانياتهما، فلا يمكننا أن نحد حداً معيناً نجعله هو الضابط في المهور المعتدلة، لأن هذه الأمور تختلف كما ذكرنا، لكنا نقول بصفة عامة إن هدي الإسلام هو التسهيل في المهور، وتخفيف مؤونة النكاح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني. جاء في فيض القدير عند شرحه لهذا الحديث: (وتيسير صداقها) أي عدم التشديد في تكثيره ووجد أنه بيد الخاطب من غير كد في تحصيله، (وتيسير رحمها) أي للولادة بأن تكون سريعة الحمل كثيرة النسل، قاله عروة قال: وأنا أقول إن من أول شؤمها أن يكثر صداقها. انتهى. وللفائدة في الموضوع يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 10544، 11179.
والله أعلم.