الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أيتها السائلة إلى أن الحجاب المعتبر هو ما حقق الشروط الشرعية لا ما كان متعارفا عليه في بلدكم أو غيرها من الأقاليم والبلدان، وقد بينا شروط هذا الحجاب بالتفصيل في الفتوى رقم: 6745.
أما بالنسبة لعملك بالتدريس في هذه الجامعة المختلطة فإنه لا يجوز وذلك لما يلي:
أولا: أن طبيعة التدريس تستلزم المخالطة وفي ذلك من الفتنة لك ولهم ما هو معلوم، ومن المقرر شرعا أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه ممنوع لأن الذريعة إلى الفساد يجب سدها.
ثانيا: أن التدريس للشباب والفتيات في هذه المرحلة وهم مختلطون ترك لإنكار هذا الاختلاط المحرم وإقرار له، والواجب تجاه المنكر هو إنكاره وتغييره، فإذا لم يمكن فلا أقل من عدم حضوره، لأن حضوره عن اختيار يشعر بالرضا والإقرار له.
ولذا قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء: 140}
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 1048، والفتوى رقم: 3539، والفتوى رقم: 9855.
أما إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تستلزم عملك في هذا المكان كالإنفاق على نفسك أو والديك أو أولادك مثلا ولم يكن هناك من يعولك ولا من يكفيك هذه النفقة ولم تجدي سبيلا لذلك إلا العمل في هذه الأماكن فإنه يجوز لك هذا العمل.
وذلك لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الأنعام: 119}.
ولقوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173}.
ولكن عليك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي, وأن تتحفظي غاية التحفظ في معاملة الرجال الأجانب فلا تخاطبي الرجال لغير ضرورة أو حاجة, وأن تلتزمي أثناء الكلام بالآداب الشرعية من ترك الخضوع بالقول ونحو ذلك، وكذلك عليك أن تبحثي أثناء ذلك عن عمل لا يقتضي الاختلاط بالرجال .
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33846، 65401، 30155.
والله أعلم.