الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشرا، بنص الآية الكريمة من سورة البقرة، وهذا حكم عام يدخل فيه المدخول بها وغير المدخول بها والحامل وغير الحامل، ثم بين سبحانه أن الحامل عدتها وضع حملها، وبقيت غير الحامل على العموم. سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها.
قال في أضواء البيان: قوله تعالى: والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفي عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر ، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملاً ، فإن كانت حاملاً كانت عدتها وضع حملها ، وذلك في قوله : { وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } [ الطلاق : 4 ] ويزيده إيضاحاً ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النَّبي صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام ، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خلافاً لمن قال : تعتد بأقصى الأجلين . ويروى عن علي وابن عباس والعلم عند الله تعالى. انتهى.
ويجب أن نعرف أن ما من أمر شرعه الله تعالى وأمر به، إلا ومن ورائه حكمة بالغة، وإذا لم ندرك حكمة أمر من الأمور التي أمر الله بها، فليس ذلك دليلاً على أنه لا حكمة له، وإنما ذلك دليل على قصورنا وعجز عقولنا. وتكفينا الحكمة الظاهرة وهي التعبد وامتثال أمر الله عز وجل فيه.
والله أعلم.