الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
لقد أوجب الشرع العدل بين الزوجات، وحرم تفضيل زوجة على أخرى، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في الإرواء.
والعدل واجب في المبيت بلا خلاف، أما العدل في النفقة الزائدة عن الواجب، والهدايا والعطايا، فقد اختلف أهل العلم في وجوبه، وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 11389.
والذي نراه راجحاً أن العدل في هذه الأمور مندوب (وإن كان القول بالوجوب أحوط)، وعلى ذلك فلا يلزم والدك أن يهب لأمك البيت الذي تسكن فيه.
أما عن المال الذي ساهمت به أمك في بناء البيت، فإن كانت قد دفعته لوالدك واشترطت عليه أن يكون لها نصيب من البيت، فيجب عليه أن يفي لها بما اتفقا عليه، وإن كانت قد دفعته على سبيل القرض، فيجب عليه رده لها، وأما إن كانت دفعته متبرعة عن طيب نفس، فلا يلزمه شيء، لكن لا شك أنه من حسن العشرة ومن كرم الخلق أن يرد لها ما يستطيع.
أما عن البيت الذي وهبه لزوجته الأخرى، فإذا لم تكن قد حازته الحيازة الشرعية فهذه الهبة باطلة، وتصرفها فيه بتحويله لولدها باطل، والبيت ملك أبيكم، وتراجع الفتوى رقم 49632.
وأما إن كان القبض قد تم فإذا كانت وهبته لولدها هبة صحيحة بحيث يملك الولد التصرف فيه، فهي آثمة، لحرمة تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة.
وأما عن إقامته عندكم فقط، فما دامت الزوجة الثانية راضية بذلك فلا حرج عليه، لكن إذا كان هو غير راض بذلك فإن الزوجة الأخرى تكون عاصية، قال ابن قدامة: ويجوز للمرأة أن تهب حقها من القسم لزوجها أو لبعض ضرائرها أو لهن جميعا ولا يجوز إلا برضا الزوج لأن حقه في الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه. المغني.
ودليل جواز هبة المرأة حقها من المبيت أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
وننبه إلى أن تقصير زوجاته معه في المعاشرة خطأ كبير، فإن من أعظم واجبات الزوجة طاعة زوجها في الاستمتاع بها ما لم يكن لها عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح .متفق عليه.
والله أعلم.