الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد ذكرت لعمك أن هذه المرأة تتحدث مع الرجال، وكان ذلك منك على سبيل الجزم، كما لو كنت على علم به، والحقيقة أنه لا علم لك بذلك إلا مجرد حديث الناس فقد أخطأت؛ لأنه كان يجب عليك التحري في ذلك، فلا يجوز اتهام الناس بمجرد الشائعات والكلام العابر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع رواه مسلم.
أما إن كنت قد نقلت لعمك كلام الناس فقط دون الجزم، وكان ذلك بقصد نصحه وليس يقصد إيذاء البنت أو حرمانها من الزواج فلا حرج عليك في ذلك، بل هو من باب النصح إن شاء الله، لأن أمر الزواج خطير، وقد أحاطه الشارع بما يضمن استقراره واستمراره. ومن ذلك أن جعل الغيبة وذكر المساوئ مباحة في أمر الزواج.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: من استشير في خاطب أو مخطوبة فعليه أن يذكر ما فيه من مساوئ شرعية أو عرفية ولا يكون غيبة محرمة إذا قصد به النصيحة والتحذير لا الإيذاء، لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها لما أخبرته أن معاوية وأبا جهم رضي الله عنهما خطباها: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: المستشار مؤتمن وقال: الدين النصيحة، وقد روى الحاكم أن أخا لبلال رضي الله عنه خطب امرأة فقالوا: إن يحضر بلال زوجناك، فحضر فقال: أنا بلال وهذا أخي، وهو امرؤ سيئ الخلق والدين. قال الحاكم : صحيح الإسناد. انتهى.
قال النووي عند شرحه للحديث السابق: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. وفيه دليل على جواز ذكر الإنسان بما فيه عند المشاورة وطلب النصيحة، ولا يكون هذا من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة. وقد قال العلماء إن الغيبة تباح في ستة مواضع أحدها الاستنصاح.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 18857.
والله أعلم.