الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان وجه المرأة فتنة فإنه يجب عليها تغطيته في قول جميع أهل العلم ويحرم عليها كشفه، ولا طاعة للوالدين إن أمرا بخلاف ذلك، إذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق سبحانه.
وأما إذا لم يكن وجه المرأة مفتنا ففي ذلك خلاف بين الفقهاء، والراجح لدينا وجوب ستره، وعلى كل فإذا كان في ستر الوجه إلحاق ضرر بالمرأة كاعتداء السفهاء عليها فإنه يجوز لها في هذه الحالة كشفه دفعاً للضرر.
ثم إن دراسة المرأة في المدارس المختلطة لا تجوز ما لم تدعها إليها ضرورة أو حاجة معتبرة بشرط أن تلتزم بالضوابط الشرعية في لباسها وحديثها وغير ذلك، فلا بد من مراعاة تلك الأحكام الشرعية ولو كره ذلك الوالدان أو غيرهما.
وننبهك إلى أن لا سبيل لك على الفتاة ما لم تعقدا عقد نكاح شرعي، وأما قبل ذلك فلا يجوز لك أن تخلو بها أو تلمسها أو تنظر إلى ما لا يجوز لك النظر إليه منها أو تحدثها لغير حاجة معتبرة، وإنما تقتصر على قدر الحاجة كالحديث معها في شأن الزواج وترتيب أموره...
وننصحك بالحكمة في دعوتها إلى الالتزام، ولا تكرهها على الحق جملة لئلا يحملها ذلك على دفعه جملة، كما أنه لا بد من الحكمة في معاملة والديها ومحاولة إقناعهم والتأثير عليهم كي يرجعوا عن رأيهم ولئلا يرفضوا زواجك منها، فإذا صارت زوجة لك تحت يدك فيمكنك حينئذ أن تؤثر عليها وتلزمها بما يجب عليها شرعاً ولا يكون لوالديها عليها سبيل حينئذ.
وأما عملك في تلك الشركة فلا بأس به إذا كان مباحاً لكن لا يجوز لك استخدام البرامج التي يمنع أصحابها نسخها أو استخدامها إلا بإذنهم لما في ذلك من الاعتداء على حقوقهم وأموالهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. رواه الحاكم وصححه السيوطي. وقوله صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى مباح فهو أحق به. رواه أبو داود وصححه المقدسي.
وهذا هو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وإذا كان مجال عملك غير ذلك من الأمور المباحة فكسبك منه مباح ولا يؤثر عليه وقوعك أحياناً فيما لا يجوز ما لم يكن عمل الشركة كله هو في تلك الأمور المحرمة أو يكن تعاقدها معك على العمل في ذلك المجال المحرم، وعدم قدرة الشركة على شراء حقوق النسخ أو الاستخدام لا يبيح لها الاعتداء على حقوق الغير للتكسب والربح.
وأما نصيحتنا لك ولإخواننا من المسلمين في تلك البلاد وغيرها فهي تقوى الله عز وجل في السر والعلن واستشعار مراقبته للعبد في جميع شأنه خلواته وجلواته، فلا يكن ربه أهون الناظرين إليه، فمن الناس من تكون خشيته للبشر أشد من خشيته لله عياذاً بالله، فاحرص على تقوى الله عز وجل واعمل بالرفق في جميع أمرك فإنه ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.
والمعنى كما قال الغزالي: أن لا يكلف نفسه في أعماله الدينية ما يخالف العادة بل تكون بتلطف وتدريج فلا ينتقل دفعة واحدة إلى الطريق الأقصى في التبدل فإن الطبع نفور، ولا يمكن نقله عن أخلاقه الرديئة إلا شيئاً فشيئاً حتى الأخلاق المذمومة الراسخة فيه، ومن لم يراع التدريج وتوغل دفعة واحدة ترقى إلى حالة تشق عليه فتنعكس أموره...
وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5224، 71658، 3248، 5310، 21557.
والله أعلم.