الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرج عنك الكرب وأن يذهب عنك الهم، وأن يرزقك بالذرية الصالحة التي تقر بها عينك.
واعلمي أيتها السائلة أن دعوة الوالد أو الوالدة على ولدهما الأصل فيها أنها مستجابة, فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد على ولده ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم. حسنه الألباني.
ومعلوم أن الوالدة كالوالد في هذا المعنى بل هي أولى منه لأن حقها أعظم, وكون الوالد على معصية أو مخالفة لأمر الله سبحانه لا يمنع إجابة دعوته إذا ظُلم أو هُضم حقه أو اعتدي عليه, لأن الله سبحانه قد يستجيب للكافر, ولكن إن كان الولد على بر بوالديه وإحسان لهما وكان دعاء والديه عليه محض ظلم وعدوان فهذا الدعاء لا يستجاب إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم
وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من قول الرسول الكريم في الحديث السابق: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد على ولده.... لأن الذي يظهر والعلم عند الله أن هذا مخصوص بالولد العاق المغالي في عقوقه وبغيه.
قال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
ولا شك أن الأم قد أخطأت بالدعاء عليك وخالفت في ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم ... الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.
وبناء على ذلك فإنا لا نستطيع الجزم بأن ما أصابك -أيتها السائلة - من حرمان الولد إنما هو بسبب دعوة والدتك عليك لأن دعاءها قد يستجاب وقد لا يستجاب, فعليك ألا تشغلي نفسك بما كان من دعائها خصوصا وأنها قد ندمت على فعلها, وآلمها ما يحدث لك وصارت تدعو لك, والأولى أن تشتغلي بما يلي:
1- أن تأخذي بيد أمك إلى طريق الله عز وجل وتأمريها بالرجوع إلى الله , وإقامة أوامره خصوصا الصلاة والزكاة والحجاب .
2- أن تبالغي في بر أمك واسترضائها فأمك لها عليك حق ولو كانت هي السبب في ما أصابك من بلاء, بل ولو كانت مشركة كافرة تدعوك إلى الشرك بالله والكفر به , قال سبحانه: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
3- أن تكثري من التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله, فبمثل هذا تيسر السبل وتفتح الأبواب, وتتنزل الأرزاق, وقد جعل الله سبحانه التوبة والاستغفار من أسباب رزق الولد، قال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. {نوح:10،11، 12}
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70101، 6807، 56448 .