الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الحديث يدور إسناده على عبد الله بن عميرة الكوفي، عن الأحنف بن قيس. وقد تفرد سماك بن حرب بالرواية عنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، وقال إبراهيم الحربي: لا أعرفه. وقال البخاري: لا يعلم له سماع من الأحنف، وقال الذهبي في كتابه العلو: تفرد سماك عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة. انتهى.
وبذلك ضعفه الألباني في ظلال الجنة، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح.
ومع ذلك فقد حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة والحاكم؛ كما قال ابن حجر، وقواه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
والصواب أن في إسناده ضعفاً؛ لما بيَّناه من حال عبد الله بن عميرة، فإن مثله لا يحتج بروايته إلا إذا تُوبع. ولذلك قال عنه ابن حجر في التقريب: مقبول. يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في مقدمة التقريب. ولم يتابَع عبد الله على هذا الحديث. وقد سبق ذكر هذا الحديث في الفتوى رقم: 9692.
وسبق أيضا في الفتوى رقم:31341. أنه لم يصح حديث في تبيان عدد حملة العرش، ومثل هذه الأمور لا يتحتم الإيمان بها تفصيلا.
والمهم أن يؤمن المسلم بأن الله مستو على عرشه، بائن عن خلقه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6707.
وعلى أية حال فمن قلد واحدا من أهل العلم المعتبرين في تصحيح هذا الحديث وآمن بما فيه، فلا حرج عليه. وكذلك من ضعفه مجتهدا أو مقلدا للمعتبرين من أهل العلم لا حرج عليه، وأما صفة عرش الرحمن فقد سبق بيان ما تيسر منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60784 ، 71236، 35995.
وكذلك سبق معنى الكرسي في الفتوى رقم: 34465.
والله أعلم.