الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حسن عشرة الزوج لزوجته أن يحسن إلى أهلها و أن يعينها على بر والديها وصلة رحمها، لكن أهل الزوجة ليس لهم أن يتدخلوا في حياة ابنتهم، ويفسدوا بينها وبين زوجها، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع.
كما أن من واجب الزوج أن يحافظ على زوجته وأولاده من الفساد، ويمنع عنهم ما يضر بدينهم، فله منع زوجته من زيارة أهلها، إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة.
قال الماوردي في ذلك: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا.
ولكن ينبغي لك أن تجمع بين الواجبين، فلا تمنع زوجتك من زيارة أهلها، أو زيارتهم لها، على أن يكون ذلك بالقدر الذي لا تحصل فيه مفسدة، مع تعريف زوجتك بأن طاعة زوجها أوجب عليها من طاعتها لوالديها، وأنه لا يجوز لها أن تطيعهم فيما فيه معصية أو تعد على حق الزوج من الطاعة والقوامة.
و أما عن رفضك دعوة أبيها لك لحضور عقد زواج ابنته، فقد أخطأت في ذلك، فما لم يكن هناك أمر محرم، فقد كان ينبغي عليك تلبية دعوته، كما أنك أخطأت حين سببت أهل زوجتك وأهل أمها، فالواجب على المسلم أن يتجنب الغضب الذي يحمله على الأمور التي تخالف الشرع.
وأما عن الطلاق فلا ننصحك به، لاسيما مع وجود طفلة، ينبغي أن تنشأ في ظل أسرة مترابطة تقيم حدود الله.
والذي ننصحك به أن توسّط بينك وبين أهل زوجتك ممن يتصف بالدين ورجاحة العقل ليعيد زوجتك إلى بيتك دون أن يشترطوا عليك ما يخالف الشرع ويخل بحقك في الطاعة والقوامة.
وعليك أن توازن بين المحافظة على زوجتك من المفاسد, وبين برها بوالديها وصلة رحمها،
وعليك أن تتعاون مع زوجتك على طاعة الله والتقرب إليه وتعلم ما يلزم من أمور الدين .
والله أعلم.