الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أنه لا ينبغي الإلحاح على الناس لكي يتنازلوا عن نصيبهم الشرعي من الميراث، وهذا الإلحاح قد يدخل في سؤال الناس، وهو مخالف أيضاً لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من العفة والاستغناء عما في أيدي الناس، وعلى كل فالذي نظنه هو أن عمكم لم يتنازل عن نصيبه حياء لأنكم عرضتم عليه مراراً إعطاءه نصيبه ويأبى، وهو قد وعد والدكم قبل مماته بالتنازل عن نصيبه، والوفاء بالوعد مستحب، فلعله ترك نصيبه وفاء بالوعد لا حياء منكم، وإذا علمتم أو غلب على ظنكم أن عمكم قد تنازل عن نصيبه في الميراث وهو راض لا عن استحياء وإلجاء منكم فلا حرج عليكم في قبول ما تنازل عنه.
وإن علمتم أو غلب على ظنكم أنه تنازل حياء فاعلمي أن ما أخذ بسيف الحياء لا خير فيه ولا بركة، وقد قال بعض الفقهاء إن حكمه كحكم ما أخذ بالسيف كرهاً، قال ابن حجر الهيثمي الشافعي في الفتاوى الفقهية: .. ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراهاً بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي، بل كثيرون يقابلون هذا السيف ويتحملون مرارة جرحه ولا يقابلون الأول خوفاً على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف... انتهى. وفي هذه الحال ينبغي لكم إعطاء عمكم نصيبه، ومن يستعفف يعفه الله.
والله أعلم.