الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما فعله أهلك من منع زواجك ممن يتقدم لك لمجرد كونه من القرى المجاورة لكم ظلم بين، وتعنت واضح ومخالفة لأوامر الشرع فيجب على الأهل أن يوافقوا على زواج الفتاة إذا تقدم إليها ذو دين وخلق ورضيت به، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.
فإذا تقدم إليك ذو خلق ودين فلا تترددي أن تعلني لوالدك رغبتك في تعجيل الزواج، وتوسطين من أقاربك من يبين له وجوب تعجيل زواجك وحرمة تأخيره، وأن ذلك من العضل الذي نهى الله الأولياء عنه، والذي يؤدي إلى الفتنة والفساد في الأرض، فإذا رفض فيمكن لمن بعده من أوليائك أن يزوجك، فإن رفضوا فيمكنك رفع أمرك للقاضي الشرعي ليزوجك.
فإن الشرع قد جعل الولاية تنتقل إلى الولي الأبعد إذا عضلها الولي الأقرب، ومعنى عضلها: أي منع تزويجها من كفئها الذي ترغب في الزواج منه، فإذا عضل الأبعد زوجها القاضي، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
وننبه السائلة إلى أن ظلم والديها لها لا يبيح لها عقوقهم أو التقصير في برهم والإحسان إليهم، ونوصيك بالصبر والثبات على الطاعة، والإلحاح في الدعاء وعدم تعجل النتيجة، مع إحسان الظن بالله واليقين بأنه تعالى أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأنفسنا، وأنه لا ممسك لرحمته، وأنه لا يضيع من استقام على طاعته ورضي بقدره، قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.
والله أعلم.