الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدعاء الاستخارة من أجّل الأدعية وأجمعها للتوكل على الله والتفويض إليه، وفيه اعترافٌ بكمال علم الله وكمال قدرته، ألا ترى أن المستخير يقول في أوله: فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ.
وأما قول الداعي: اللهم إن كنت تعلم فليسَ هو شكاً في علم الله، كيفَ وقد اعترف له العبد بالعلم التام والقدرة المطلقة، وإنما معناه إن كان الذي سبقَ في علمك مما قد خفيَ عني هو الخير لي فاقدره لي بقدرتك ويسره لي بتيسيرك، فهذا توسلٌ بعلم الله وقدرته فبعلمه يختار لعبده الخير، وبقدرته ييسره له، وليس في الحديثِ أي إشكالٍ البتة، بل إن من أعطاه حقه من التأمل رآه جامعاً لمعانيَ جمة من الافتقار إلى الله والاعتراف بجهل العبد وعجزه وعلم الرب وقدرته، والتفويض التام له، والثقة بحسن اختياره وتدبيره، فما أجمله من دعاء لمن تدبرَ وعقل.
والله أعلم.