الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد فعلتم ما في وسعكم حين تحريتم في وضع محراب المسجد أن يكون إلى جهة القبلة، فإذا ظهرَ بعد ذلك بيقين أنكم لم تصيبوا جهتها لزمكم إعادة توجيه المحراب إلى جهة القبلة ، وما فات من الصلاة فصحيح أنتم معذورون فيه بالاجتهاد والتأويل.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة، لم يكن عليه إعادة، وجملته أن المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينا، لم يلزمه الإعادة. وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه. انتهى.
وأما إن كان هذا الانحراف الذي ظهرَ بعد بنائكم للمحراب يسيراً بحيثُ لا تخرجون به عن استقبال جهة الكعبة فلا يلزمكم إزالته ولا تغييره لأن الواجب على غير المشاهد للكعبة أن يستقبل جهتها، ولا يلزمه استقبال عينها على الصحيح من قولي العلماء، دليلُ ذلك قوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ {البقرة : 144}. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وقال النووي: وصح ذلك عن عمر رضي الله عنه موقوفا عليه. انتهى .
وللفائدة تراجع الفتويين: 115022 ، 111309 .
والله أعلم.