الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنوصيك بالصبر على أخت زوجك وصلتها بما أمكنك من صلة، والإحسان إليها عسى أن تنقلب عداوتها لك إلى محبة إن شاء الله، وما كان منها من ظلم لك فالأولى أن تقابليه بالعفو والإحسان عسى الله أن يعفو عنك، فكلنا مسيء ونحتاج إلى عفو الله، واعلمي أن العفو من الأخلاق التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
العفو والصفح هما خلق النبي صلى الله عليه وسلم فأين المقتدون بسيد الأنام صلى الله عليه وسلم؟ سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله فقالت: لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
واعلمي أيتها السائلة أن فساد ذات البين من المهلكات، فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البيت هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأخت زوجك وإن كانت ليست من أرحامك إلا أن الأصل أنه يحرم هجران المسلم عموماً فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
إلا أن يكون في مقاطعتها أكثر من ثلاثة أيام مصلحة شرعية، بأن تغير المقاطعة أمرها إلى الأفضل، فإن المقاطعة تجوز حينئذ، ولكن عليك أن تعيني زوجك على صلتها ولا تعينيه على مقاطعتها، فإن كانت صلتك بها ستسبب لك المتاعب فيمكنك أن تكتفي بقدر يسير، يرفع عنك إثم الهجران ويدفع عنك شرها، ولو أن تكتفي بالسؤال عنها هاتفياً عند المناسبات، فإن كان هذا القدر اليسير سيجلب لك أيضاً المتاعب فعندها يجوز لك هجرها اتقاء لشرها.
قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى. وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99222، 111794، 113294.
والله أعلم.