الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنعوذُ بالله من تلبيس الشيطان، فإنكِ يا أختنا الفاضلة قد مكنته من نفسكِ حتى غرسَ فيها بذور الشر، وصورَ لكِ أن الصلاة والتي هي سبب السعادة وراحة النفس وطمأنينة البال صورها سبباً للشقاء وجلب المشاكل، وهذا خِذلانٌ عظيم نعيذك بالله منه، فأين هذا من حال المؤمنين الكُمل الذين يستدفعون البلاء بالصلاة، ولقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر أي أهمه وأشغله فزع إلى الصلاة، ومن قبل أمر بذلك الله عز وجل في قوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة: 45} أفيظنُ مسلمٌ يصدقُ الله فيما أخبرَ به أن الصلاةَ تكونُ سبباً لجلب الهم والعناء، وهي والله الذي لا إله غيره دافعةُ الهم وكاشفة الغم، وهي راحة المؤمنين ونعيمُ العابدين وزاد المتقين.
فما حصل عندكِ من ربطٍ بين الصلاة ونزول البلاء إنما هو ربطٌ شيطاني، وتلبيسٌ إبليسي، بل هذه المصائب التي نزلت بكِ قد يكون سببها المعاصي التي قدمتها يداكِ، مصداق قول الله عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى:30} ومازال المسلمون عبر العصور يصلون فلا يجدونَ من آثار الصلاة إلا راحة البال وطمأنينة القلب.
واعلمي أن ترككِ الصلاة لأجل مصيبةٍ نزلت بكِ هو أعظم مصيبة، ففيه سوء ظنٍ بالله، واتهامٌ له بأنه يجلبُ الشقاء لمن تقرب إليه، ويطردُ من وقف على بابه وحاشاه تبارك وتعالى، وأي مصيبةٍ أعظم من مصيبة ترك الصلاة، فإن ترك الصلاة الواحدة حتى يخرجُ وقتها إثمٌ عظيمٌ أعظم من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين كما نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة، بل ذهبَ فريقٌ من العلماء إلى تكفير تارك الصلاة ولو تركها كسلا، وأنه خارجٌ من الملة، خالدٌ مخلدٌ في النار أبدا، عياذاً بالله من سخطه وعقابه.
فعليكِ أيتها الأخت أن تتقي الله عز وجل، وأن تعلمي أنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، وأن الخلق جميعاً صائرون إليه وموقوفون بين يديه، فمحاسبهم على القليل والكثير، والفتيلِ والنقير والقطمير، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وعليكِ أن تستعيذي بالله من وسوسة الشيطان، وأن تجعلي صلاتكِ أكبر حصنٍ تتحصنين به من كيده ومكره، نسأل الله أن يعيذنا وإياكِ من الشيطان الرجيم.
والله أعلم .