الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن حق الوالد على ولده عظيم، كما أن بره والإحسان إليه من أعظم ما يقرب إلى الله، ومن حق الوالد على ولده أن يأخذ من ماله ما يحتاج إليه، إذا كان الولد يملك ما يزيد عن حاجاته الأصلية، وعند الحنابلة يجوز للوالد أن يأخذ ولو لم يكن محتاجاً، ولكن على كل الأقوال لا يجوز له أن يأخذ من مال ولده ما يجحف به أو يضره.
قال ابن قدامة في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها صغيراً كان الولد أو كبيراً بشرطين أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته، الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر.
وعلى ذلك فإذا امتنعت عن دفع مالك الذي تحتاجه للزواج وتستضر بدفعه، فلا إثم عليك..
أما عن رغبتك في الزواج من الثيب فلا حرج في ذلك ما دامت ذات دين، لكن الأصل أن البكر أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى جابراً بذلك، فعن جابر بن عبد الله قال: تزوجت امرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر تزوجت. قلت: نعم، قال: بكر أم ثيب. قلت: ثيب، قال: فهلا بكراً تلاعبها، قلت: يا رسول الله إن لي أخوات فخشيت أن تدخل بيني وبينهن. قال: فذاك إذاً، إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك. متفق عليه واللفظ لمسلم.
ولكن ما دمت ترغب في الزواج من ابنة خالتك، فعليك بالاجتهاد في إقناع والدك بذلك، ويمكنك أن تستعين ببعض العقلاء من أقاربك أو بغيرهم من أهل الدين والمروءة لإقناعه، فإن أصر على رفضه وكان لرفضه مبرر مقبول فلتتركها ولتبحث عن بكر ذات دين، فإن طاعة الوالدين مقدمة على الزواج من فتاة بعينها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97876.
إلا أن يكون في تركك زواجها ضرر كبير أو خشية الوقوع في المحرم، فعندئذ يجوز لك زواجها بدون رضاه، لكن على كل حال عليك بره والإحسان إليه، واحذر أن تعقه أو تسيء إليه، واعلم أن في الصبر ومخالفة الهوى الخير الكثير والأجر الكبير، قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115}.
والله أعلم.