الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فجزى الله زوجك خيراً على بره بأمه وسعيه الحثيث على مصلحتها وراحتها، وجزاك ا لله خيراً على ما تقومين به من طاعة لزوجك وبر بأمه، ولكن ليعلم الزوج أن لزوجته وأولاده عليه أيضاً حقوقاً عظيمة، والمؤمن الفطن هو الذي يوازن بين أصحاب الحقوق ليوفي كل ذي حق حقه ولا يعطي حقاً ويضيع حقوقاً.
أما بخصوص سفر الزوج فقد قرر أهل العلم أن الزوج له أن يسافر ويغيب عن زوجته ستة أشهر فأقل ولو لم تأذن له زوجته وليس له أكثر من ذلك لغير داع يقتضي ذلك، إلا بإذنها، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر.. يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك. انتهى..
ولكن يستثنى من التقييد بهذه المدة السفر الواجب كالحج والذي لا بد له منه كالسعي في الأرض لطلب الرزق.
قال صاحب كتاب (الإنصاف): قد صرح الإمام أحمد رحمه الله تعالى بما قال. فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس، إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها. انتهى.
وبناء على ذلك فلو كان هذا الزوج يملك من أسباب الرزق في بلده ما يوفر له ضروريات الحياة وحاجياتها فقط دون التحسينيات والترفيهيات فلا يجوز له أن يسافر أكثر من ستة أشهر إلا بإذنك، أو يصطحبك معه، فإذا لم يفعل ورفض الرجوع أو اصطحاب زوجته معه وتضررت الزوجة بذلك فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق.
وأما بخصوص بقائك مع أم زوجك في بيتها فهذا لا يلزمك شرعاً ولا تجب عليك خدمتها خصوصاً وقد ذكرت أن لها بنات يستطعن خدمتها، ولكن إن فعلت فأنت مأجورة على ذلك.
فذكري زوجك بحقوقك عليه وحقوق أولاده وأنه لا يجوز له أن يضيعكم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
والله أعلم.