الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الزواج صحيح حتى ولو حدث غش من الزوج أو من أهله لك، لأن هذا شيء خارج عن أركان العقد وشروطه، والدليل على صحة العقد أن كل العيوب المخلة بالاستمتاع إذا كتمها أحد الطرفين واطلع الآخر عليها بعد الزواج فإن الحكم الشرعي هنا هو تخيير الطرف الآخر بين البقاء أو فسخ النكاح ولا يكون التخيير إلا والعقد صحيح.
أما بالنسبة لهذا المرض تحديداً فإن كان يخل بالاستمتاع أو يمنعه أو يسبب النفور بين الزوجين فإنك مخيرة بين فسخ العقد وإتمامه كما سبق، قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم الله ورسوله مغرراً قط، ولا مغبوناً بما غرر به، وغبن به، ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما اشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة. انتهى.
علماً بأن تخييرك إنما يكون إذا لم تكوني عالمة بالعيب ولم تقبلي به حين علمت، أما إذا لم يؤثر في شيء من ذلك فلا يحق لك طلب فسخ النكاح، وإنما يجوز لك طلب الطلاق إن خشيت على نفسك الضرر، أما ما ذكرت من كونك اعتزلتيه في غرفة من غرف البيت وأنك لا تطيقين معاشرته فعلى تقدير أن العيب المذكور تستحقين به الخيار، فإنه لا شيء عليك فيما فعلت بل لو مكنته من نفسك مختارة بطل خيارك، وأما على التقدير الآخر فإن هذا لا يجوز طالما أن عقد الزواج ما زال قائماً، فلا بد من بذل الحقوق له كزوج وأولى هذه الحقوق وآكدها حق الفراش والاستمتاع، فإن منعته ذلك فأنت آثمة عاصية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
ولكن مجرد مشاعر البغض والكراهية لا إثم فيها ما لم يصحبها فعل محرم، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.
وأما ما تجدين من عيوب فيه وممارسة للعادة السرية وغيرها من العادات السيئة فإن عليك أن تجتهدي في نصحه وصرفه عنها فإن استجاب وإلا فلك طلب الطلاق إن كنت تتضررين من ذلك..
وقولك إنك حامل والطلاق لا يكون قبل الولادة كلام غير صحيح، بل يجوز الطلاق أثناء الحمل وقبل الولادة وهذا مذهب الأئمة الأربعة واستدلوا على ذلك بحديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً. رواه مسلم.
قال الإمام أحمد: أذهب إلى حديث سالم عن أبيه (ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً) فأمره بالطلاق في الطهر أو في الحمل، وقال الخطابي: في الحديث بيان أنه إذا طلقها وهي حامل فهو طلاق للسنة، ويطلقها في أي وقت شاء في الحمل، وهو قول عامة العلماء. انتهى.
فإن رفض أن يطلقك عند ذلك يمكنك أن تختلعي منه، بأن تردي له المهر أو تدفعي له ما تتفقان عليه ثم يفارقك، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12755، 1780، 74409، 95203، 7170.
والله أعلم.