الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وجود المودة والألفة بين الزوجين أمر مطلوب شرعاً وهو سبب لاستقرار الأسرة وعون لها على إقامة حدود الله بين الزوجين، لكن هذا الأمر قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأخطاء والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا { النساء: 19}.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.
لكن إن تعذر ذلك لسوء خلق الزوجة وسوء عشرتها، فالطلاق مباح، ولا إثم فيه، ولكن الأولى محاولة الإصلاح والصبر، وترك الطلاق حتى تستنفد جميع الوسائل المشروعة للعلاج، وذلك لما يترتب على الطلاق في الغالب من أضرار نفسية واجتماعية.
وعلى ذلك فلا يلزمك أن تعيش معها مكرهاً إذا تعذر الإصلاح، وإنما يمكنك أن توسط بعض ذوي المروءة والدين، ليصلحوا بينكم، أو يحكموا في حال الطلاق بما تتراضيا عليه من المال مع بعض التسامح والعفو، فإن أصرت الزوجة على أخذ كامل حقها في مؤخر الصداق فلها ذلك.
أما عن زواجك بثانية، فهو مباح، ما دمت قادراً عليه، وبشرط أن تراعي العدل بينهما.
وفي كل الأحوال لا يجوز لك أن تقطع قرابتك، فإن قطيعة الرحم محرمة، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ. متفق عليه.
وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
وأما عن اتباع العرف والعادات، فلا شك أننا مطالبون باتباع الشرع المنزل من عند الله، والشرع لم يمنع من اتباع العادات والعرف، لكن بشرط ألا تخالف شيئاً من الشرع، فإن خالفت الشرع فلا اعتبار لها ولا يجوز للمسلم اتباعها، علما بأننا لم يتضح لنا المقصود مما أسماه السائل شرط جزاء.
والله أعلم.