الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حق المرأة على زوجها أن يوفر لها مسكناً مستقلاً مناسباً لها، على قدر استطاعته لا تتعرض فيه لضرر أو حرج، لقول الله تعالى في حق المطلقات: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}.
فإذا كان في طاعتك لوالدك في الانتقال إلى البيت الآخر ضرر على أمك وإخوتك، فلا تلزمك طاعته، لكن لا يجوز لك أن تسيء إليه أو تكلمه بكلام غير لائق، فمهما كان من سوء خلقه وظلمه لك أو لأمك، فإن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر ولا يبيح مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان14-15}.
أما عن دفع زكاة مالك لأمك فلا يجوز، لأنها ذات زوج ونفقتها تجب عليه. وإن لم ينفق عليها لعجزه أو ظلمه وجبت نفقتها عليك حينئذ، وأما دفعها إلى إخوتك إذا كانوا محتاجين فذلك جائز بشرط أن تملكهم إياها وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4133 .
ولكن الأولى أن تعطيهم من غير الزكاة، إذا كان في مالك سعة، ولك في ذلك الأجر الكبير إن شاء الله.
وأما عن طلب والدتك الطلاق ، فإن هجره لها وترك إنفاقه عليها ضرر بيّن يبيح لها طلب الطلاق ، فلا حرج عليك في إعانتها على ذلك ، بشرط عدم الإساءة إلى الوالد أو إيذائه.
والله أعلم.