الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزيارة الرجال للنساء الأجانب جائزة بشرط ألا يكون هناك خلوة ولا تبرج ولا خضوع بالقول ولا خوف فتنة، ودعت إليها -مع ذلك- حاجة من صلة رحم وعيادة مريض ونحو ذلك، والدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار ضباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج؟ قالت: لا أجدني إلا وجعة، فقال: حجي واشترطي. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب فقال: ما لك يا أم السائب تزفزفين؟ أي ترتعدين، قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما تذهب الكير خبث الحديد.
وقد زار أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أم أيمن رضي الله عنها، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال أبو بكر لعمر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهيا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم.
وقد ذكر العلماء أن ضابط الخلوة هو كل اجتماع لا تؤمن معه الريبة عادة، وقد ذكر النووي عند شرحه لحديث مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان، والمغيبة هي التي غاب زوجها.
قال النووي: إن ظاهر الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية، والظاهر عند أصحابنا تحريمه، فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك. انتهى كلامه.
وذكر النووي رحمه الله أيضاً أن الصبي الذي لا يستحيى منه لصغره لا تنتفي به الخلوة، وقد مثل له بابن سنتين وثلاث، وعلى ذلك فلو كان هناك عدد من النساء يؤمن معهن وقوع المحظور وتنتفي بوجودهن الريبة فقد انتفت الخلوة، ولا حرج حينئذ في هذه الزيارة إذا كانت لحاجة ولم تخش معها فتنة.
وللفائدة في الأمر تراجع الفتوى رقم: 74506، والفتوى رقم: 102389.
والله أعلم.