الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن حق الوالد على ولده عظيم، كما أن عقوقه ومقاطعته من أكبر الكبائر، ومن أسباب سخط الله. أما عن سؤالك، فلا يجوز لك مقاطعة والدك، فمهما كان من سوء خلق الوالد وظلمه، فإن ذلك لا يسقط حقه في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى : وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ { لقمان:14}.
- أما عن الأغنام فهي ملك والدكم، ما دام حياً، ولا حقّ لكم فيها، إلا أن يهب لكم شيئاً منها، على أن يراعي العدل بينكم، أو يعطي شيئاً لإخوتك القائمين عليها نظير عملهم، وعلى ذلك فليس لك مطالبة إخوتك بشيء من هذه الأغنام، وليس لهم أن يعطوك منها شيئا لأنهم لا يملكونها، وبعد وفاة الوالد تكون الأغنام تركة بين سائر الورثة إلا أن يخصص هو للذين كانوا يقومون برعيها وإصلاحها نصيبا في مقابل عملهم أو يجري عرف بذلك كما بينا في الفتوى رقم: 32659 ، فإنهم حينئذ يختصون بذلك.
- وأما عن نفقتك على أختك في تعليمها، فإن كنت قد أنفقت متبرعاً، فتلك هبة لا يجوز لك الرجوع فيها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِىَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِى وَلَدَهُ. رواه الخمسة، وصححه الألباني في الإرواء.
و إن كنت غير متبرع، وقد أنفقت عليها في زمن تجب فيه نفقتها على أبيها، فيجوز لك مطالبة أبيك بما أنفقته، مع مراعاة الأدب اللائق به.
و إذا كنت قد أنفقت عليها بعد موت أمها، وقد خلفت أمها ميراثا فإن نفقتها حينئذ تجب في ميراثها من أمها، فلك أن تأخذ من نصيبها في ميراث أمها بقدر ما أنفقته عليها.
كما أن إيثار والدك لإخوتك عليك بتزويجهم دونك إن لم يكن له مبرر شرعي فإنه ليس مشروعا وراجع الفتوى رقم: 6242، وعلى تقدير عدم مشروعية هذا الإيثار يكون من حقك الاختصاص بشيء يقابل ما أوثر به إخوتك.
وننبه السائل إلى أن بر الوالد والإحسان إليه، من أقرب الطرق إلى الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه.
رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.