الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فها هنا أمر لا بد من بيانه، وهو أن تارك الصلاة تهاوناً يستتاب ثلاثاً، فإن لم يتب قتل حداً عند أكثر العلماء، وظاهر مذهب الحنابلة أنه يقتل ردة، وجزم شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من عُرض على السيف فقيل له تصلي وإلا قتلناك، فأبى أن يصلي، فإنه يقتل ردة.
وأياً ما كان الأمر فمقصودنا هنا هو شرح كلام الموفق في العمدة، وبيان كيفية استتابة تارك الصلاة تهاوناً، فقوله (استتيب ثلاثاً) أراد به ثلاثة أيام لا ثلاث مرات كما فهمته، وكيفية استتابته في مدة الثلاث أن يُدعى إلى فعلها كل وقت حتى يُصلي. قال العلامة ابن قاسم في حاشية الروض تعليقاً على قول الماتن (ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً) فيهما أي فيما إذا جحد وجوبها أو فيما إذا تركها تهاوناً: أي حتى تُطلب منه التوبة ثلاثة أيام بلياليها كمرتدٍ نصاً ويضيق عليه ويدعى كل وقت إليها، وتوبته أن يصلي بخلاف جاحدها فتوبته بإقراره بما جحده. انتهى.
وليتنبه إلى أن هذا الحكم نعني استتابة تارك الصلاة وقتله بعد الاستتابة ردة أو حداً إنما هو للسلطان وليس لآحاد الناس، وانظر لذلك الفتوى رقم: 23376.
والله أعلم.