الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصلاة ركن الإسلام الأعظم، ولا تسقط عن مكلف بحال مهما كانت أشغاله ما دام عقله ثابتاً، وقد وسع الله عز وجل على عباده ولم يجعل عليهم في الدين من حرج فأباح لهم الجمع للعذر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، فأوقات الصلوات الخمسة تصير ثلاثة في حق المعذور، وذلك كله كي لا يبقى لمكلفٍ عذر في ادعاء أنه حيل بينه وبين الصلاة لشغل من الأشغال، قال عز وجل: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}، واعلم أن حفاظكم على الصلاة وأداءها في وقتها هو من أكبر العون لكم على إنجاز مهامكم في علاج مرضاكم، فإن الله تعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153}، فحفاظكم عليها يؤدي إلى تسديد الله لكم وتوفيقه إياكم وإنجاحه مقاصدكم، فالفضل كله بيده تبارك وتعالى، وبهذا تعلم أن الواجب عليكم فعل الصلوات في أوقاتها التي فرضها الله عز وجل، فإن شق ذلك عليكم وكان المرضى يتضررون بتفريقكم الصلاة جاز لكم الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديماً أو تأخيراً على ما ذكرنا، ويمكنكم أن تتناوبوا في فعل الصلاة بحيث يشرف بعضكم على العمليات حتى يفرغ الآخرون من صلاتهم وهكذا، ومع الاستعانة بالله عز وجل والحرص على مرضاته سيتيسر عليكم بلا شك الموازنة بين فعل الصلاة في أوقاتها وبين النظر في أحوال المرضى، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 108887، والفتوى رقم: 105850.
ولو فرضنا أنكم عاجزون أو بعضكم عن تحصيل وقت يمكنكم فيه أداء الصلاة على وجهها فإن العاجز عن فعل الصلاة على وجهها لكونه يخشى موت المريض أو تضرره تضرراً بالغاً فإنه يعمل حسب استطاعته فيومئ بالركوع والسجود مع الإتيان بأركان الصلاة، فإن عبد الله بن أنيس لما خشي أن يفوته خالد بن سفيان -وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله- وخشي أن تفوته الصلاة جعل يصلي وهو في أثره يؤمئ بالركوع والسجود، روى هذا الخبر أبو داود في سننه، فتقاس حالكم على حال هذا الصحابي بجامع الخوف.
والله أعلم.