الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما صدر من أبيكم تجاه زوجته إما أن يكون على سبيل الهبة, وإما أن يكون على سبيل البيع, فإن كان على سبيل الهبة فإن من شروطها -يعني لزومها- قبض الموهوب له, فإذا لم يتم القبض فإن للواهب الرجوع في الهبة كما هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ورواية في المذهب المالكي لأن الهبة لم تنعقد بعد.
جاء في الإنصاف: وله أن يرجع في نفس الهبة قبل القبض على الصحيح من المذهب فيهما.
وفي الموسوعة الفقهية : وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِذَا تَمَّ الْقَبْضُ فَلاَ رُجُوعَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلاَّ فِيمَا وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَتْ لأَِجْنَبِيٍّ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلاَ رُجُوعَ عِنْدَهُمْ فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فِي الْجُمْلَةِ، إِلاَّ فِيمَا يَهَبُهُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ.
يتلخص من هذا أن الزوج له حق الرجوع في الشقة المذكورة لأن سكنى الزوجة فيها معه لا يعد حيازة، وتراجع الفتوى رقم: 116708 .
وإذا كان على سبيل البيع فإن البيع ينعقد لازما لكلا الطرفين فلا يصح لأحدهما الانفراد بفسخه.
وبناء على هذا لا يجوز لأبيكم التوصل بالحيل لإبطال حق زوجته, وكان الواجب عليه أن يتوب إلى الله من ذلك, وأن يسلم إليها الشقة, وبعد موته يقوم الورثة بما كان عليه القيام به.
وما توصل إليه أبوكم من صلح مع زوجته لا يحل له تملك الشقة إذا كان عالما ببطلان دعواه, ويحل لها هي.
جاء في المغني: إذا ثبت هذا فلا يصح هذا الصلح إلا أن يكون المدعي معتقدا أن ما ادعاه حق والمدعي عليه يعتقد أنه لا حق عليه فيدفع إلى المدعي شيئا افتداء ليمينه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل وحضور مجلس الحاكم فإن ذوي النفوس الشريفة والمروءة يصعب عليهم ذلك ويرون دفع ضررها عنهم من أعظم مصالحهم والشرع لا يمنعهم من وقاية أنفسهم وصيانتها ودفع الشر عنهم ببذل أموالهم والمدعي يأخذ ذلك عوضا عن حقه الثابت له فلا يمنعه الشرع من ذلك أيضا سواء كان المأخوذ من جنس حقه أو من غير جنسه بقدر حقه أو دونه فإن أخذ من جنس حقه بقدره فهو مستوف له وإن أخذ دون فقد استوفى بعضه وترك بعضه وإن أخذ من غير جنس حقه فقد أخذ عوضه ولا يجوز أن يأخذ من جنس حقه أكثر مما ادعاه لأن الزائد لا مقابل له فيكون ظالما بأخذه، وإن أخذ من غير جنسه جاز ويكون بيعا في حق المدعي لاعتقاده أخذه عوضا.
وللأهمية تراجع الفتاوى: 67015، 114780، 107876، 80162.
والله أعلم.