الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت سيرتك مع والدك مدة حياته هي البر والإحسان والطاعة فلا يعد هذا التصرف منك عقوقاً، لأن المؤمن المداوم على البر يتجاوز له الله تعالى عما يكون منه من هفوات وزلات، قال سبحانه: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}، قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأساً، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين. أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة.. وقوله: فإنه كان للأوابين غفوراً. وعد الغفران مع شرط الصلاح والأوبة.
أما التكفير عن هذا التقصير فإنه يكون بالمداومة على الدعاء لوالدك والإحسان إليه بالصدقة، وإكرام أصدقائه وصلة أرحامه، فإن ذلك من البر الذي لا ينقطع بوفاته، فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
والله أعلم.