الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك أن تحمدي الله سبحانه وتشكريه أن منّ عليك بزوج صالح متدين يعرف ربه ويخاف مقامه ويراعي حدوده، فما أقل أصحاب الدين في هذا الزمان، أما بالنسبة لما تجدين منه من سوء في المعاملة وتقصير في بعض الأمور فسبيل هذا هو التفاهم والمناقشة باللين والتودد، فالحياة الزوجية الكريمة إنما تقوم على التغاضي عن الهفوات، والتغافل عن الزلات، وأن يراعي كل من الزوجين صاحبه، فلا تطلبين شخصاً مثالياً يتحقق فيه الكمال البشري فهذا ليس لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كرهت بعض الصفات في زوجك فستجدين صفات أخرى مرضية، واعلمي أنه ليس كل البيوت تبنى على الحب وحده، جاء في كنز العمال عن عمر رضي الله عنه: ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.
فإن ضاقت بك الأحوال فلا مانع من أن تذكري هذه الأمور لبعض من تجمعهم به علاقة من أهله أو أرحامه، أو بعض أهل العلم والصلاح إذا غلب على ظنك أن هذا سيقومه ويصلحه، أما قولك إنك تتحملين الأعباء المادية فهذا لا يلزمك لا في قليل ولا كثير، فإن الإنفاق إنما يجب على الزوج وحده دون زوجته، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 113241.
وكذا لا تلزمك الخدمة خارج البيت من شراء الحاجات ومتابعة الأولاد في المدارس وغير ذلك فهذا من مهام الزوج، قال ابن حبيب في الواضحة: حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة. ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله. انتهى.
أما إذا ضاقت بك الأحوال وكان مقامك معه يسبب لك الضرر كما ذكرت أنه قد أصابك بعض الأمراض بسبب معاملته، ومع ذلك فلم يرجع هو عن تفريطه وتقصيره فلا مانع حينئذ من أن تطلبي منه الطلاق لأجل الضرر الذي يصيبك، قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى.، وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق -كما هو ظاهر- وكوطئها في دبرها. انتهى. وللفائدة في ذلك راجعي الفتويين: 2589، 8102 .
والله أعلم.