الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد حرم الله الغيبة، وصور فاعلها في صورة بشعة، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ. {الحجرات:12}.
وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ. رواه مسلم.
والغيبة تباح في بعض المواضع للمصلحة، وقد ذكر الإمام النووي في شرح مسلم، ستة أسباب تبيح الغيبة، مذكورة في الفتوى رقم: 6710، ومنها المجاهرة بالمعصية ، لكن يراعى أن تكون الغيبة مقتصرة على المعصية التي يجاهر بها، أما إذا زاد الشخص على تلك المعصية أو وصفه بصفة لا تقتضيها تلك المعصية فذلك غير جائز، كما تباح الغيبة للاستعانة على الأمر بالمعروف وتغيير المنكر، بأن يخبر من يظن أنه يغير المنكر، وتباح لتحذير المسلمين من الشر، كمن يرى إنساناً يصاحب فاسداً أو يقدم على معاملته في تجارة أو زواج، فإنه يحذره منه، لكن لا يجوز التحذير مع عدم وجود مبرر.
كما أنه لا يجوز اتهام المسلم بغير بينة، ولا يجوز إطلاق اللسان في أعراض المسلمين.
أما عن سؤالك، فإن اغتسال هذه المرأة في الجامعة، للعذر، إذا كان فيه أمن من انكشاف العورة ومن التعرض للفتنة، فالظاهر أنه غير محرم، وأما التبرج فهو بلا شك حرام، وعلى ذلك فإن حكم ترك السلام عليها يدخل في هجر أصحاب المعاصي، والراجح فيه عندنا أنه دائر مع المصلحة كما هو مبين بالفتوى رقم: 14139.
فإذا كان الغالب على ظنك أن ترك السلام عليها يعين على إصلاحها وردها إلى الحجاب فينبغي أن تتركي السلام عليها، وأما إذا كان الغالب أن السلام عليها والكلام معها يرجى معه إصلاحها فهو أولى.
وأما عن كونها مجاهرة بالفساد، فإنها إذا كانت تخرج متبرجة بين الأجانب فهي مجاهرة بالمعصية.
وأما عن جواز اغتيابها، لتحذير الناس منها، فهو جائز إذا دعت إليه الحاجة كما سبق ذكره.
والله أعلم.