الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكان الأولى والأحرى بالأب أن يفعل مع ابنته في عرسها ما يرضيها ويطيب خاطرها، خصوصاً إذا كان غنياً موسراً صاحب مال وثروة، وإن كان هذا غير واجب عليه، ولم يقع في الظلم لتفريقه في الزواج بين ابنته وابنه، ذلك أن الشريعة المطهرة جعلت تجهيز بيت الزوجية والأثاث على عاتق الزوج وحده، ليس على المرأة ولا وليها من ذلك شيء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 9494.
قال ابن قدامة في المغني: وعليه لها ما تحتاج إليه للنوم، من الفراش واللحاف والوسادة، كل على حسب عادته. انتهى.
أما بخصوص ما فعله الأب من تزويج ابنه من ماله -أي مال الأب- فهذا واجب عليه في أصح قولي العلماء إذا كان الابن غير قادر على تكاليف الزواج، قال المرداوي في الإنصاف: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم، وهذا الصحيح من المذهب -يعني مذهب الإمام أحمد-. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: قال أصحابنا: وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كان عليه نفقته، وكان محتاجاً إلى إعفافه، وهو قول بعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: لا يجب ذلك عليه. ولنا: أنه من عمودي نسبه، وتلزمه نفقته، فيلزمه إعفافه عند حاجته إليه، كأبيه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به. انتهى.
لكن يبقى النظر في الأموال الزائدة التي دفعها زيادة لابنه على مهر قرينات زوجه وهو ما يعرف بمهر المثل، فالظاهر أن هذا القدر يلزمه فيه التسوية بين أولاده الذكور والإناث، فيعطيهم مثل هذا القدر الزائد لأن التسوية بين الأولاد واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى: 33348، 57882، 6242.
والله أعلم.