الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه. فدل هذا الحديث على أن المصلي لا ينبغي له أن يشتغل بغير الصلاة، ودعوى أن تشغيل شريط يعين على التركيز في الصلاة دعوى غير مسلمة، بل هو يعين على التركيز في الشريط لا في الصلاة، فهو مشوش خارجي ومكدر إضافي يزيد على ما تعاني منه من الشرود في أثنائها، فهذا ليس بعلاج إذن بل تزيد به الداء داء، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألهته خميصة لها أعلام، وألهته تصاوير جعلت في القرام، وهذا كله ثابت في الصحيح، فكيف يأتي المسلم بما هو أكبر من ذلك بكثير فيشوش به على نفسه، ويبتعد به عن الخشوع أكثر فأكثر، بل ينبغي للمسلم إذا كان يريد السلامة حقا، وأن تكون صلاته مقبولة أن يجاهد نفسه على تحصيل الخشوع في الصلاة مستعينا بالأسباب والوسائل التي شرعها الله وأمر بها، فيصلي في مكان هادئ ليس فيه تصاوير، ويقبل بقلبه على صلاته، متفكرا في أذكارها متدبرا لما يتلوه من القرآن، مستحضرا عظمة ربه عز وجل، متبعا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية الصلاة، ويجتهد مع ذلك في الدعاء أن يرزقه الله الخشوع، فإن القلوب يقلبها الله كيف يشاء. وإذا دخل في صلاته فعليه أن يلقي الدنيا وراء ظهره، فلا يفكر فيها، ولا يأبه لأشغالها، فإن الفكر في الدنيا وأحوالها من أعظم ما يلهي عن الصلاة، فإذا فعل المسلم هذا، وداوم عليه فإن الله لن يخيبه ولن يحبط سعيه فإنه عز وجل يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}. نسأل الله أن يرزقنا وإياك الخشوع في الصلاة. وللمزيد انظري الفتويين رقم: 9525 ، 3087 . والله أعلم.