الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في هذا الحديث ما يدل على كون أخت الزوجة محرما للزوج، فإن الأصل هو عدم المحرمية بين الرجل والمرأة ولا تثبت المحرمية إلا بدليل قاطع لقوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ {النساء: 24}
ولا دليل يثبت ذلك، وما ذكرت لا يصلح دليلا، ولا يلزم من ركوبها خلف النبي الملامسة إذ قد تركب خلفه ولا تحصل الملامسة، هذا على فرض أنه صلى الله عليه وسلم كان سيردفها، لأن بعض العلماء كالحافظ ابن حجر قد صرح بأن هذا ربما كان فهم أسماء، ولم يقصد النبي ما فهمته حيث قال رحمه الله: كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يركبها وما معها ويركب هو شيئاً آخر غير ذلك. اهـ
وقولك إنك لما قرأت كلام ابن حجر وخلاصته أنها أخت زوجته وأنه لا يجوز له أن يتزوجها فتأكد لديك أن أخت الزوجة محرم فهم غير صحيح، لأنه لا يلزم من حرمة التزوج بالمرأة أن تكون محرما له، وإلا فقد حرم زواج المسلم بالمشركة أفيكون المسلم محرما للمشركات، بل ما ذا لو تزوج الرجل أربع نسوة فإنه حينئذ يحرم عليه أن يتزوج بأي امرأة أخرى فهل صار نساء العالمين من محارمه؟
أما ما تلوح به من استدلالك بهذا الحديث على عدم وجوب النقاب فنحيلك في ذلك على كلام الحافظ ابن حجر حيث قال: والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب ومشروعيته، وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور: لما نزلت وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ أخذن أزرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها. ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب. انتهى من فتح الباري.
والله أعلم.