الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي فهمناه من كلامك أنك قد أوهمت أهلك أن أهل الزوجة قد وافقوا على عاداتكم في حين أنهم لم يوافقوا، وأنك قد اتفقت مع أهل الزوجة أن يظهروا الموافقة مع وعد منك لهم أن توفيهم ما نقص، فإن كان الأمر على ما فهمنا، فلا حرج في هذا الفعل إن شاء الله، إذا لم يمكن الوصول لهذه النتيجة إلا بالكذب، ولكن كان الأولى بك أن تعرض لهم بذلك لا أن تصارحهم بأن أهل الزوجة قد وافقوا، ومع ذلك فنرجو أن لا يكون عليك حرج من ذلك؛ لأن كذبك هذا كان فيه الإصلاح بين أهلك وأهل زوجك، وكان فيه تحقيق مصلحة، وهذا من المواطن التي يشرع فيها الكذب، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا. وزاد مسلم في روايته: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخّصُ فِي شَيْءٍ مِمّا يَقُولُ النّاسُ كَذِبٌ إِلاّ فِي ثَلاَثٍ: الْحَرْبُ، وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النّاسِ، وَحَدِيثُ الرّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.
قال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا....إلى آخر كلامه. ولكن يبقى أنه لا بد وأن توفي للزوجة ما وعدتها به، فهذا محض حقها.
والله أعلم.