الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكذب قد تواترات النصوص بتحريمه، وأفحش أنواع الكذب ما يكون في القسم وهو اليمين الغموس الذي ورد الشرع بتحريمها وعدها من الكبائر، ففي الحديث الشريف: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. متفق عليه.
هذا هو الأصل، وقد يحصل من الأحوال ما يكون موجبا للخروج عنه، كما جاء في الموسوعة الفقهية: إن حرمة اليمين الغموس هي الأصل فإذا عرض ما يخرجها عن الحرمة لم تكن حراما. انتهى.
ومن هذه الأحوال أن يقع على المرء ضرر ومظلمة بغير حق توقعه في الحرج والمشقة، فلا حرج عندئذ أن يكذب في يمينه لدفع الظلم والأذى عن نفسه، بشرط ألا يكون هناك من الوسائل ما يتحقق به ذلك، وعليه حينئذ أن يلجأ إلى التعريض ما أمكن، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 110634، 41794، 27641. ومع ذلك فالورع في مثل هذه الأحوال هو الأفضل والأبرأ للذمة.
وننبه الأخت السائلة على أنها إن أخذت بالرخصة وأقسمت هذه اليمين فلا بد من حفظ حقوق الزوج بحيث لا يؤخذ منه إلا ما هو حق عليه. فإن ترتب على هذا اليمين ظلم أو تعد على حقوق الزوج فإن السائلة حينئذ تجمع بين اليمين الغموس وبين الظلم والبغي، والظلم ظلمات يوم القيامة، وما من ذنب أجدر أن تعجل عقوبته في الدنيا من البغي، وقطيعة الرحم، فلا بد أن تتحرى السائلة وتجتهد في السؤال حتى تعلم يقينا أنها لن تأخذ إلا حقها، وما جاءها فوق ذلك ردته إلى صاحبه.
والله أعلم.