الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت عند استعمالك لهذه المواد تعلمين حالها وأنها قد تضر بالجنين فأنت مفرطة باستعمالك لها وعليك دية الطفل لغيرك من ورثته، وهي خمس من الإبل، وعليك الكفارة عند كثير من أهل العلم وهي صيام شهرين متتابعين لتعذر عتق الرقبة في زماننا. وقال البعض بأن الكفارة ربما تستحب لها ولا تجب. قال ابن قدامة في المغني: وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة لا ترث منها شيئا وتعتق رقبة ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة على ما قدمنا، وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها فلزمها ضمانه بالغرة كما لو جنى عليه غيره.
وأما إذا كنت غير مفرطة باستعمال هذه المواد بأن كنت لا تعلمين حالها، ولا تخشين منها الضرر فليس عليك شيء. قال في مواهب الجليل: وأما إن شربت دواء مما لا يعلم أنه لا يسقط به الجنين فكان ذلك سبب سقوطه فلا غرة عليها، وكذلك الطبيب إذا سقاها وكانت الأدوية مما يعلم أنه يسقط الجنين فعليه الغرة، وإن كان مما يعلم أنه لا يسقط به فلا غرة عليه. انتهى.
وقال في رسم العقود من سماع أشهب من كتاب الديات: وسئل مالك عن المرأة تشرب الدواء وهي حامل فيسقط ولدها أترى عليها شيئا؟ قال: ما أرى به بأسا، إذا كان دواء يشبه السلامة فليس به بأس إن شاء الله، قد يركب الإنسان الدابة فتصرعه.
وإنما تستقر المطالبة بالدية على من غش في صنع هذه المنظفات إن كان ثم غش، وأمكنت مطالبته. قال في مطالب أولي النهى: ولو ماتت حامل أو مات حملها من ريح طعام أو مات من ريح نحو كبريت كعظم ضمن ربه إن علم ذلك أي أنها حامل وكان ريح الطعام يقتل الحامل أو حملها عادة لما فيه من الأضرار، وإن لم يعلم بها رب الطعام فلا إثم ولا ضمان كريح الدخان يتضرر به صاحب السعال وضيق النفس. ويتجه باحتمال قوي أن محل ضمانه مع علمه أن العادة مستمرة بأن الرائحة تقتل. انتهى.
والله أعلم.