الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في اتخاذ الحيوانات في المنازل الجواز، سواء الزينة أو أي غرض مباح.. كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 36053، والفتوى رقم: 2993.
ولا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل، فإن صح الدليل في النهي عن شيء منها لزم الامتثال، وينبغي ألا نتكلف حينئذ في البحث عن العلة ومعرفة الحكمة، فإن ظهرت فبها ونعمت، وإذا لم تظهر فلا إشكال، فقد قال تعالى: وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً {الإسراء:85}، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الزجر عن اتخاذ الكلاب إلا كلب الصيد والزرع والماشية، وفي حكمها كلب الحراسة، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 14735، والفتوى رقم: 23541.
وليست الزينة مما يرخص في اتخاذ الكلاب لأجلها، بل نص أهل العلم على حرمة ذلك، قال النووي في شرحه على مسلم: اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلاب لغير حاجة، مثل أن يقتني كلباً إعجاباً بصورته أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف.
وأما السؤال عن الحكمة من خلق كلاب الزينة إذا لم تكن تربى في البيت؟ فلا شك أنها خلقت لحكمة، مثلها مثل كل دواب الأرض فإذا لم ندرك شيئاً منها فلا يقدح هذا في وجودها، ولتتأمل السائلة في حال الخضر الذي قال الله في حقه: فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا {الكهف:65}، فلما خرج معه موسى في قصتهما المشهورة فكان في آخرها أن وقع عصفور على حرف السفينة ثم نقر في البحر فقال الخضر لموسى: ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر. متفق عليه.
وأما السؤال عن مصدر نجاسة الكلب إذا غسل ونظف، فجواب هذا أن يعلم أن الحكم بنجاسة شيء حكم توقيفي لا يدرك بالعقل، فليس الاستقذار أو الاتساخ هو علة النجاسة، فالكلب نجاسته عند من يقول بها لا تزول بغسله بالماء ولا بغيره.. وما أصابه الكلب أو مسه يجب غسله عند الشافعية والحنابلة سبعاً سواء كان ثوباً أو بدناً أو غيرهما حيث يستوي الحكم في ذلك مع حكم الولوغ في الإناء، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65068.
ثم ننبه على أن أهل العلم قد اختلفوا في نجاسة الكلب، فالجمهور على نجاسة الكلب بجميع أجزائه، والأحناف على نجاسة لحمه وريقه فقط، والمالكية على طهارته، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 4993.
والله أعلم.