الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من مات من المسلمين بسبب قتل الكفار المحاربين له يعتبر شهيدا وينال أجر الشهادة ولو كان غير ملتزم، ويدل لهذا ما ثبت في الحديث من تكفير الله ذنوب الشهداء المتعلقة بحق الله تعالى؛ كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال النووي في المجموع : يثبت حكم الشهادة فيما ذكرناه للرجل والمرأة والعبد والصبي والصالح والفاسق . اهـ
وفي الفتاوى الهندية في تعريف الشهيد: هو في الشرع من قتله أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق أو وجد في معركة وبه جرح أو يخرج الدم من عينيه أو أذنه أو جوفه أو به أثر الحرق أو وطئته دابة العدو وهو راكبها أو سائقها أو كدمته أو صدمته بيدها أو برجلها أو نفروا دابته بضرب أو زجر فقتلته أو طعنوه فألقوه في ماء أو نار أو رموه من سور أو أسقطوا عليه حائطا أو رموا نارا فينا أو هبت بها ريح إلينا أو جعلوها في طرف خشب رأسها عندنا أو أرسلوا إلينا ماء فاحترق أو غرق مسلم .... . ولو كان المسلمون في سفينة فرماهم العدو بالنار فاحترقوا من ذلك وتعدى إلى سفينة أخرى فيها المسلمون فاحترقوا كلهم شهداء. اهـ.
واختلف في تغسيل من قتل في غير المعركة إن لم يتغير جسمه، أما إن تغير فلا يطلب تغسيله اتفاقا.
قال الدسوقي: قول المصنف: ولا يغسل شهيد معترك يقتضي أن مقتول الحربي الكافر بغير معركة يغسل وهو قول ابن القاسم ومقتضى موضع من المدونة، وروى ابن وهب لا يغسل شهيد كافر حربي بغير معركة لكونه له حكم من قتل بها وهو نص المدونة في محل آخر, وتبعه سحنون وأصبغ وابن يونس وابن رشد ويحيى القرطبي فتمنى أنه لم يكن غسل أباه وصلى عليه حين قتله عدو كافر بقرطبة حين أغار عليها الكفار على غفلة والناس في أحراثهم. وذكر شيخنا أن ما قاله ابن وهب هو المعتمد، وقد اتفق سنة اثنتين وخمسين وألف أن أسرى نصارى بأيد مسلمين أغاروا على الإسكندرية في وقت صلاة الجمعة والمسلمون في صلاتها فقتلوا جماعة من المسلمين فأفتى علي الأجهوري بعدم غسلهم وعدم الصلاة عليهم ...اهـ
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 31228، 74025، 46232.
والله أعلم.