الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في لبس الجورب فوق الجورب والمسح على الفوقاني منهما إذا كان قد لبسهما على طهارة، قال ابن قدامه رحمه الله : وإن لبس الفوقاني قبل أن يحدث جاز المسح عليه بكل حال سواء كان الذي تحته صحيحا أو مخرقا وهو قول الحسن بن صالح والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي، ومنع منه مالك في إحدى روايتيه والشافعي في أحد قوليه، لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه في الغالب فلا يتعلق به رخصة عامة كالجبيرة، ولنا أنه خف ساتر يمكن متابعة المشي فيه أشبه المنفرد، وكما لو كان الذي تحته مخرقا، وقوله: الحاجة لا تدعو إليه ممنوع فإن البلاد الباردة لا يكفي فيها خف واحد غالبا. ولو سلمنا ذلك ولكن الحاجة معتبرة وهو الإقدام على اللبس لا بنفسها. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن العلماء مختلفون في نزع الخف الفوقاني هل تبطل به الطهارة أو لا ؟ وهل يجوز تكميل المسح على التحتاني أو لا ؟
فأكثر العلماء على أن الطهارة تبطل بنزع الفوقاني وأنه لا يجوز تكميل المسح على التحتاني قال ابن قدامة: إذا ثبت هذا فمتى نزع الفوقاني قبل مسحه لم يؤثر ذلك، وكان لبسه كعدمه، وإن نزعه بعد مسحه بطلت الطهارة ووجب نزع الخفين وغسل الرجلين لزوال محل المسح، ونزع أحد الخفين كنزعهما لأن الرخصة كنزعهما لأن الرخصة تعلقت بهما فصار كانكشاف القدم. انتهى.
وفي المسألة قول آخر: وهو أن الطهارة لا تبطل بذلك وأن تكميل المسح على التحتاني جائز لأنه لبس على طهارة وقياسا على ظهارة الخف وبطانته باعتبار الخف الفوقاني (والجورب في ذلك كالخف) كظهارة الخف والتحتاني كبطانته. كما ذكر ذلك العلامة العثيمين في الشرح الممتع.
ولا شك أن الأخذ بالقول الأول أحوط وأولى أن يعمل به خروجا من خلاف أكثر العلماء.
والله أعلم.