الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته التدواي من الأمراض وأمرهم به وحثهم عليه.
فقال صلى الله عليه وسلم: تداووا عباد الله. أخرجه أحمد والأربعة وقال الترمذي حسن صحيح.
وبين صلى الله عليه وسلم أن الصدقة من أسباب الشفاء بإذن الله، فقال صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة. أخرجه أبو الشيخ وحسنه الألباني.
فلو أن هذا الذي ابتليت زوجته بعدم الإنجاب أكثر من الصدقة واستعمل الرقى النافعة مع مراجعة الأطباء لكان ذلك خيرا له وأنفع. وأما أمره بإهداء الكبش فإن لم يكن ذلك لاعتقاد خصوصية في إهداء الخروف خاصة أو للمؤذن خاصة، بل كان لاعتبار حاجة المؤذن أو صلاحه ورجاء دعوته فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. وأما إن كان ذلك لاعتقاد خصوصية للخروف أو المؤذن أو هما معا، فهذا من الدجل والخرافات ولم يقم على مشروعية التداوي بمثل هذا دليل، بل هو من خزعبلات العامة التي ما أنزل الله بها من سلطان ولم يقم على مشروعيتها برهان.
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على قطع كل ذريعة قد تؤدي إلى الوقوع في الشرك، وجهد في نهي أمته أشد الجهد عن تصديق المنجمين والعرافين والسحرة والمشعوذين أو الذهاب إليهم. فلا يليق بنا معاشر المسلمين أن نأتي ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نفتح على أنفسنا أبواب الخرافة بعد أن من الله علينا وهدانا للإسلام، بل هذا من أمر الجاهلية ودعواها، وفيها يصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. متفق عليه.
وبهذا تعلم أنه ليس لهذا المؤذن أخذ هذا الكبش ما دام يعطاه على هذا الاعتقاد؛ لأن في أخذه له إقرارا على هذه العقيدة الباطلة وتصديقا لهذه الدعوى الكاذبة، وتمريرا لهذه البدعة المنكرة، فهو تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}
والله أعلم.