الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنجمل لك الجواب أيتها السائلة في عدة نقاط:
النقطة الأولى: أنه لا يجوز للزوج سب زوجته ولا شتمها ولا إهانتها فهذا كله حرام لا يجوز، وهذا متفق عليه, بل قد بالغ بعض الفقهاء فجعل سب المرأة والإضرار بها ولو مرة واحدة يجيز لها طلب الطلاق, ويؤدَب الزوج مع ذلك على فعله, وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 112369.
النقطة الثانية: سبق أن بينا في الفتوى رقم: 115673, أن مقدار النفقة الواجبة على الزوج لزوجته وأولاده يرجع فيها إلى العرف وحال الزوج من الغنى واليسار, فعليك بالنظر إلى من هو مثلكم في الوضع المالي والاجتماعي وتقدير النفقة على مثل حالهم دون إسراف ولا تقتير, فإن كان زوجك يقصر عن هذا الحد فهو ظالم بمنعه هذه النفقة حتى ولو كان العرف قد جرى بقدر معين من التحسينيات والترفيهيات فمنع هذا أبدا أو غالب الأوقات فقد ظلم, وعندها يجوز لك أن تأخذي من ماله دون علمه، لكن إذا غلب على ظنك أنك إن أخذت مالا فإنه سيعلم بفقده, وسيترتب على ذلك مفسدة كبيرة فلا ينبغي الأخذ, وعليك حينئذ برفع أمرك لأوليائك أو لبعض أهل العلم, أو المراكز الإسلامية في بلدكم ليطالبوه بالنفقة, فإن أصر على الامتناع فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق منه للضرر.
النقطة الثالثة: أما ما كان منك وقد أخذت من ماله ما يكفي لعلاجك أنت وابنك فلا حرج عليك في ذلك فهذا خالص حقك, فإن علاج الزوجة والأولاد واجب على الزوج على ما هو مبين في الفتويين: 56114, 113285.
ولكن أما وقد علم بما حدث وتيقن من أخذك لماله فلن يجدي الإنكار حينئذ, ولذا فيمكنك أن تصارحيه بأنك قد أخذت من ماله وأن هذا محض حقك الشرعي وأنك لم تأخذي هذا من تلقاء نفسك, بل إنك لم تقدمي على هذا إلا بعد استفتاء أهل العلم, ويمكنك أن تقرئيه فتوانا هذه وغيرها من الفتاوى المماثلة, وأعظم فتوى في ذلك هي فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة لما أخبرته أن زوجها رجل شحيح لا يعطيها ما يكفيها هي وولدها , وقد كان زوجها من أجلاء الصحابة وهو أبو سفيان رضي الله عنه , فقد جاء في صحيح البخاري أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
والذي ننصحك به هو أن تجلسي معه جلسة مصارحة وصدق تعلميه فيها بتأذيك من إهانته لك وتضييقه عليك في المعاملة والنفقة, وأنك ما كنت لتأخذي من ماله بهذه الطريقة لو أنه قام بواجبه في النفقة والمعاشرة بالمعروف, فإن رجع عن فعله واعترف بخطئه, فذلك الذي تبغين وتأملين, وإن أصر على حاله هذه فلك أن تطلبي منه الطلاق للضرر. والصبر خير على كل حال.
والله أعلم.